[بعد الأخاء والعداء]
للأستاذ عبد الرحمن شكري
حنوت على الود الذي كان بيننا ... وإن صَدَّ عنه ما جنينا على الود
حنوت ولو أني حنوت وما حنا ... ولو أنه يبغي هلاكي من الحقد
ولا أكذِبَنَّ الناس قلبي كقلبه ... له آنة ميلٌ عن النصف والقصد
كلانا جنى شراً فعاد إخاؤنا ... محالاً حكى ذكرى الشباب على بُعْدِ
فيا طيب ذكراه وما بُعْد عهده ... وأين قديم الود من حاضر الصد
مضى حيث يمضي عابر بعد عابر ... من الأهل والأصحاب والذخر والولْدِ
مضى حيث يمضي كل رأي ومذهب ... له أجل كالناس ظعن بلا عَوْدِ
إذا أنا أُنْسِيتُ الإساءة من أخ ... ذكرتُ له مني إساءة ذي عمد
وأيقنت لا ينسي عدائي وما جنى ... عدائي عليه من عناء ومن جهد
أيلتئم الصخران في اليَمِّ بعدما ... تردد موج اليَمِّ بالصدع والهد
ويتفق الخِلاَّنِ من بعد ما بدت ... به بغضة من مين قول ومن نقد
وكنا على ما كان من قرب أنفس ... كنهرين في وادي الغضارة والورد
قد اقتربا مجرى وماءً وعسجدا ... من الشمس لألاءً كلألأة الود
حياة شبابٍ عسجدٍ أيَّ عسجد ... وعهد إخاء لا يغيض ولا يُكْدِي
إلى أن دعا داعي الحياة وإفنها ... فمال بنا قصد السبيل عن القصد
وغَيَّرَ منا القلبَ والنفسَ والمُنى ... وزاد طماحُ النفس بعداً على بعد
هو البغض مثل الحب لحظ فمنطق ... فنار لها بين الأضالع كالوقد
وإن كنت تدري الحب كيف طروقه ... ولم تدره أيقنت ما جاء بالحقد
فيا ليت أني قد غفرت جفاءه ... ونَبْوْتَهُ حتى يصد عن الصد
ويذكر لي صبري على الضيم والأذى ... فيأسى على ما كان منه من الكيد
وَتكْسِبني منه الندامة أُلفة ... وإن كان لي من قبل كالحجر الصلد
أعيش بصفو منه يوماً فإنْ جنى ... على إثْرِهِ غدراً ذخرت له ودي
وأُذْكِرُ نفسي منه عند انصرافها ... شمائل تستدعي المَغِيظَ إلى الحمد