للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قرية الأدباء]

للأستاذ أحمد أحمد العجمي

في كل بلد من بلاد العالم بيئة أدبية تختلف قوة وضعفاً ورقياً وانحطاطاً تبعاً للعوامل المؤثرة في الاتجاهات الفنية حينا بعد حين. ولا تكاد تخلو مدينة أو قرية في كل قطر من فرد أو أفراد شاركوا في الحياة الأدبية بنصيب، وأثروا في النهضة الفنية أو تأثروا بها على أقل تقدير.

من هذه البلاد المصرية التي لها يمض الفضل في إيقاظ الحركة الأدبية في العصر الحديث، بلد ريفي جميل، يجمع بين مزايا المدن وسمات الريف الوريف، لحسن موقعه شرقي نهر النيل، ولكثرة مدارسه وذيوع أسماء كثير من أبنائه الأدباء، هذا البلد، أو هذه المدينة هي (كوم النور) إحدى بلاد إقليم الدقهلية الخصيب.

أول من أذكره من علمائها وأدبائها وشعرائها الأفذاذ المرحوم الشيخ سيد خليل؛ ولقد كان لهذا العالم المتصوف والأديب الشاعر الكبير الفضل الأول على أبناء كوم النور في نهضتها الأخيرة. كان يميل إلى طريقة عمر بن الفارض في الشعر، وإلى طريقة محي الدين بن عربي في التصوف وعلوم الدين، وله أشعار كثيرة مطبوعة وكتب دينية وأدبية مخطوطة أشهرها تفسيره القيم للقرآن الكريم. وكانت له مجلة شهرية أسمها (التذكرة) يصدرها ويحررها بمقالات عظيمة في الأدب والدين والاجتماع.

وقد كان للشيخ سيد (زاوية) يذكر فيها مع أتباعه ومريديه وما تزال إلى الآن؛ وقد آلت رئاستها إلى الأستاذ محمد محمد عبده من فضلاء أدباء كوم النور بعد وفاة رئيسها السابق الأستاذ محمد المتولي هاشم رحمه الله. هذه الزاوية هي الركن الركين لتلاميذ الشيخ سيد، تخرج عليه فيها، وعلى كتبه ودواوينه من بعده جم غفير، منهم أبنه الأستاذ فؤاد السيد خليل، وهو معروف للقراء بشعره ونثره الرصين. ومن شعراء هذه المدرسة الأستاذ عبد العزيز محمد خليل، أحد أفذاذ شعراء دار العلوم ورائد الرعيل الأول من أدباء كوم النور، وفي شعره العذب مزيج من تأثيره بطريقة الشيخ سيد خليل وميل إلى التجديد والتحرر من قيود القديم؛ وشعره يجمع بين الرقة والجزالة في أسلوب عربي متين.

ومنهم الأستاذ محمود عبد المعطي خليل تأثر بالشيخ سيد في الناحية الوصفية حتى غلبت

<<  <  ج:
ص:  >  >>