للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى الشاب المسلم المثقف]

الإسلام دين القوة

بقلم أحمد بديع المغربي

أستاذ الاجتماعيات بالمدرسة الثانوية بالموصل

طفا على الجزيرة العربية نور سماوي تسرب إلى القلوب المغلقة فاقتحم أقفالها ونفذ إلى الضمائر الميتة فبعث فيها حياتها، وتغلغل في أحشائها فبدد ظلماتها. وصحب هذا النور صوت عربي ينادى بالإسلام تعالى في أرجائها، فجمع أشتاتها وألف بين قلوبها

(هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين، وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم أنه عزيز حكيم).

قبائل بدوية متنافرة أعمى الجهل أبصارها، وعشائر رحل متناحرة مزق الغزو وحدتها، وهدد السلب والنهب كيانها؛ نفوس أبية رضعت لبان الحرية منذ طفولتها، وتنشقت هواء البادية المشبع بروح الأنفة والكبرياء والشمم والإباء منذ أن شبت عن أطواقها

هذه القبائل المتنافرة، وتلكم العشائر المتناحرة، ما استطاعت أن تجد من نفسها حولاً ففاضت دموعها خشوعاً وإجلالاً، وخرت للأذقان سجداً، وانصاعت لذلك الصوت الدوي الذي اخترق آذانها الصماء، وانقادت قلوبها الغلف طوعاً لذلك النور السماوي الذي غمرها بالضياء. . .

(إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً، ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا)

(وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق)

فتحولت من الضعف إلى القوة، وانتقلت من التفرقة إلى الوحدة، واستبدلت بالتخاذل ائتلافاً، وبالجهل والوحشية علماً ومدنية، وارتفعت من أسفل دركات الشرك والإلحاد، إلى أعلى درجات التوحيد والإيمان

ثم هبت من باديتها الفسيحة الأرجاء الممتدة الأطراف هبوب العاصف الزعزع، متكاتفة متراصفة، متحدة متضامنة، فعصفت الممالك التي اعترضت سبيلها عصفاً ودكت المعتقدات

<<  <  ج:
ص:  >  >>