بمناسبة ما كتبه أخيراً الأستاذ عباس خضر عن مكانة الدين في التعليم ألفت نظر القراء إلىملاحظات الكاتب الإنجليزي كنث رشمند فإنه يقول في معرض الكلام عن الاتجاهات الجديدة (وهي ضد ذلك النوع من (التقدم) الذي يحاول أمثال سلامة موسى أن ينتحلوه لأنفسهم عفواً بلا كد ولا تعب) في ميدان التعليم بإنجلترا ما يلخص بأن ظروف الحرب العالمية الأخيرة - مثل اختفاء الفوارق بين الطبقات في المخابئ والمساهمة في التضحيات على السواء، والإقبال على الخدمات الاجتماعية، وضرورة الارتجال في كثير من الأمور - أثارت في الشعب شعوراً قويا يجعل التعليم جماعيا بعد ما كان إلىما قبل الحرب فرديا. ومعنى ذلك أن الفرد سيربى تربية تبعثه على الاهتمام بمصالح الشعب كله بعد ما كان يعود قصر ذلك الاهتمام على مصلحة ذاته، وبعبارة أخرى ستبذل من الآن محاولة للإبقاء على عواطف الأفراد ومشاعرهم نحو الجماعة أو الشعب في حالة السلم على ما كانت هي عليه إبان الحرب وأمام خطر الفناء المشترك. ولنضرب لذلك مثلا، فإن الفرق دقيق ويتعلق بالروح أكثر مما يتعلق بالشكل: من المعروف أن كليات العلوم والهندسة في إنجلترا كانت قد تحولت أيام الحرب إلىمصانع للقنابل والعتاد الحربي، كما أن المصانع كانت قد أنشأت فصولا لتدريب فئات مختلفة من الشبان الجدد في الصناعات المختلفة، وكان المنخرطون في هذه الصفوف طلابا ناشئين للعلم؛ وكانوا في الوقت نفسه يقومون مقام العمال المنتجين يدفع لهم بعض الأجر، ولكن الطالب كان يشتغل لا ليكتسب لنفسه ويهيئ سبيل العيش لذاته، بل إنما كان ذلك مساهمة منه في المجهود القومي للدفاع عن الشعب بأسره. وكان يكتنف العمل من أوله إلىآخره جو من الحقيقة والواقعية والحماس وإخلاص النية جعل التعليم أسرع وأنفذ وأنجع بكثير من إلقاء المحاضرات وتجريع الدروس في المعامل التجريبية.
كان من الطبيعي إذا أن يتجه المسئولون عن سياسة التعليم، غير المصابين بمركب النقص الذي يحدو المرء إلىمحاكاة التقدم الزائف، إلىالتساؤل: هل يمكن أن تستمر هذه الروح الجماعية السليمة القوية تسود معاهد التعليم بعد أن انتهت الحرب وزال الخطر؟ وكان