إذا كان الأدب القروي يعيني خاصة بحياة الفلاح والبيئة التي يعيش فيها فإن أدب الطبيعة يعني بتصوير المشاهد الطبيعية والتعبير عما تثيره في نفس الإنسان. وليس وصف الطبيعة جديدا في الأدب العربي فد عرفته جميع العصور الأدبية واشتهر به كثيرون من شعرائها.
والوصف الطبيعي القديم وثيق الاتصال بالبيئة البدوية من قفار ورياح وأنواء ونبات وحيوان وما إلى ذلك. وهو عادة دقيق يميل إلى شرح الجزيئات؛ فإذا أراد الشاعر وصف حيوان كالناقة مثلا أو كالحمار الوحشي صور لك أعضاءه وألوانه وأوقفك على جميع حركاته وساكناته.
ومن خصائص الوصف البدوي الصدق وعدم التصنع، فهو عموما عرض واقعي لا يعمد إلى الزخرف اللفظي والتأنق الصناعي الذي نراه ضائعا في عصور الحضارة. يرى الشاعر شيا فيعرضه كما هو بلغة قد نراها غريبة ولكنها جارية مع سجيته منبعثة عن طبيعة بيئته.
وقد تطورت البيئية العربية بعد استقرار الملك العربي في الشام والعراق ومصر والأندلس فتطور معها الشعر الوصفي، وهكذا انصرف عن الصحراء وأحوالها إلى الحواضر الجديدة وما تحويه من بساتين ومتنزهات وفواكه ورياحين ومجاري مياه وما إلى ذلك من ظواهر الحياة المدنية. ولا بد لنا هنا من التنبيه إلى فرق واضح بين أسلوب الوصف البدوي القديم وهذا الوصف الحضري المولد. ففي الأول كما ذكرنا آنفات يغلب الصدق والبساطة في التصوير. أما الثاني فتبرز فيه الصناعة الفنية التي تتحرى إلباس الموصوف برداً قشيباً من الخيال. ولقد تمادى المولدون في حرصهم على ابتداع المعاني البيانية حتى طغت الصناعة عندهم علة صدق العاطفة فأصبحت الطبيعة في كثير من الأحيان وسيلة لإظهار براعتهم الفنية ومقدرتهم على التوليد.
على أننا إذا أنعمنا النظر في وصف القدماء عموما للطبيعة وقابلناه بما استجد في أدبنا