للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في معرض الآراء]

للأستاذ عباس محمود العقاد

كتب الأستاذ أديب عباسي في بعض الأعداد القريبة من الرسالة مقالاً سأل في عنوانه: (هل انتهت السياحات والكشوف الظاهرة في القرن السابع عشر أو بعده؟) ثم عاد سائلاً فيه: (أصحيح أن الكشوف الظاهرة أو الكشوف الجغرافية انتهت في القرن السابع عشر أو حواليه، ومن ثم بدأت الكشوف الباطنة للنفس كنتيجة لانصراف الذهن البشري عن الدراسات والسياحات الظاهرة إلى الدراسات والسياحات الباطنة؟! إنني أشك في صحة هذا الزعم، بل أكاد أنفيه قاطعاً)

ثم استطرد في جوابه قائلاً: (ليست السياحات الظاهرة وقفاً على الضرب في مجاهل الأرض واكتشاف كل رجأ من أرجائها؛ وليس الاستشراف للمجهول في خارج حدود النفس الإنسانية قاصراً على الحدود الجغرافية لقارات الكرة الأرضية؛ فهناك السماء بعوالمها الشاسعة، وأكوانها المبثوثة في رحاب الكون، وأسرارها المحيرة؛ وثمة الذرة بصفاتها العجيبة وسلوكها الغريب وأسرارها الدقيقة؛ وهناك أمواج الأثير من ضوء وحرارة وكهرباء وأشعة كونية. . .) إلى أن قال:

(من يستطيع أن يقول: إن الكشوف الظاهرة التي تمت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وبداءة هذا القرن في عوالم الطبيعة والحياة تقل روعة وأسراً للخيال وشدْها للإنسان عن أروع المغامرات الجغرافية التي تمت في القرن السابع عشر أو بعده؟ ثم هذه الكشوف الجغرافية ذاتها هل انتهت حقاً في القرن السابع عشر؟ أين مغامرات سكوت وشاكلثون وبيرو وغيرهم. . .)

ومن طرائف المناقشات أن تأتي هذه المناقشة من الأستاذ أديب عباسي تعقيباً لما أسلفناه في مقال (الحدود الحاسمة) الذي قلنا فيه إننا قد نستغني في الحدود والتعريفات عن الإحصاء والاستقصاء لما هو معلوم غني عن البيانات من ضرورات الاستثناء في كل قاعدة. فإذا قال الإنسان إن النهار مضيء وإن الليل مظلم فليس من الواجب بعد ذلك أن يحصي أيام الغيم ولا الأغوار المحجوبة التي تظلم بالليل والنهار

فقد حدثت كشوف جغرافية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، ولكنها كلها لا تخرج

<<  <  ج:
ص:  >  >>