للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الفن]

كأنها ذكرى:

أستاذها يوحي لها

للأستاذ عزيز أحمد فهمي

في المرقص، جئن يتبارين، لتفوز المجيدة منهن بالعمل. فقد كن راقصات معطلات، وقد أعلن المرقص عن يوم قريب حدده ليبدأ فيه العمل بأبطال وبطلات جدد.

وكان يومنا هذا اليوم المختار لانتقاء الراقصات المتهافتات على هذا المجال الجديد الطلى.

وراحت كل واحدة منهن تعرض أبهى ما عندها، وأحيي ما عندها، وأشد ما عندها أخذاً، وأقواه أسراً، وأحلاه فجوراً، وأشهاه فتكا.

وكلما كانت واحدة منهن تفزع من جولتها كانت تجلس إلى جانب أخواتها اللائي فرغن لتشاهد أخواتها اللائي يتتابعن على الحلبة يذوبن أنفسهن حركات ونظرات وتشععاً. فمن أساءت حيينها، ومن أحسنت حيينها أيضاً.

وكانت صاحبة المرقص هي والأستاذ جالسين في ركن يتذوقان كل راقصة من هؤلاء كما يمضغ الأهتم التفاحة، يمصها مصاً في تريث وفي تأن، فما تفوته من حلاوتها ولا من نكهتها نسمة.

حتى انطلقت عذراء لترقص

كان الرقص ملهاتها في المدرسة، وكانت تتشرف به، وكانت تمنح عليه الجوائز دون أن تفكر في أنها ستستنجده العيش، ولكن أباها لما مات، وأمها المنهوكة ترملت، وأخوتها الصغار تيتموا، لم تجد مفراً من أن تعرض في السوق نفسها في أفضح ما تكون نفسها، ألماً وفرحاً، راحة وتعباً، رغبة وإعراضاً، تماسكا وتحطما. . . لتكون راقصة.

عذراء، لا يزال منها الحياء، انطلقت بين الأستار والأنوار، ونهشات الأنظار، فانعقدت، عقلها راح. انصدمت فوقفت، وتدلت، فتساقطت، ولو أنها عصرت ألمها دمعاً لما اختنقت، ولكنها ضعفت فلم تقو حتى على أن تبكي.

هذه. . . تريد أن تكون راقصة. من الذين رأوها من تألم، ومنهم من ضحك، ولكنهم جميعاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>