دفعني لكتابة هذه الكلمة القصيرة ما نقلته إلينا محطات الإذاعة ووكالات الأنباء حول تأميم صناعة البترول في إيران. . . فلقد جمعني مجلس ضم خمسة أشخاص يمثل كل منهم جنسية ما. كان ذلك قبل الميعاد المحدد لإحدى المحاضرات في أحد المعاهد. . . خمسة أشخاص. سيدة أمريكية تبلغ من العمر الستين عاما وفتاة بولونية وسيدة فرنسية وشاب إيراني وآخر إنجليزي.
بدأ الحديث حول إضراب عمال (المترو والأتوبيس) في باريس وما الوسيلة التي حضر بها كل منا إلى المعهد؛ فمن قائل في إحدى سيارات الجيش التي خصصتها الحكومة لتنقلات السكان، ومن قائل أتيت راكبا قطار رقم ١١ - على حسب تعبير الفرنسيين - وهو يعني بذلك قدميه، وكيف أنه قطع المسافة في ساعة ونصف نظرا لبعد مسكنه. . .
ثم انتقل الحديث إلى نظام العمل والتأمين الاجتماعي والصناعات المؤممة فتحدث كل من الحاضرين عن ذلك في بلده. ولما جاء دور الشاب الإيراني وذكر موافقة البرلمان الإيراني على مشروع تأميم صناعة البترول بإيران قالت له السيدة الفرنسية أليس للروس دخل في ذلك؟ فقال إن الحزب الشيوعي ضعيف في إيران وإنما حركة التأميم هي حركة تمثل رغبة الشعب الإيراني. . . فقالت السيدة الفرنسية ومصر تريد تأميم شركة قناة السويس؟ ولقد استمعت عن رغبة العراق في تأميم شركة البترول العراقية الإنجليزية. . . عند ذلك قالت السيدة الأمريكية (إذن لقد استيقظ الشرق) وهنا تنهد الشاب الإنجليزي - بحرقة أثارت انتباهنا جميعا والتفاتنا إليه - وقال:(مسكينة إنجلترا. . . كل هذا ضدنا. . .) فقلت له أرجو أن تسمح لي أن أقول لقد اشتغلت إنجلترا هذه الثروات وربحت منها كثيرا منذ زمن طويل. وأعتقد أن الوقت قد جاء ليستفيد أصحاب الثروة من ثروتهم.
ويأخذ أصحاب الحق حقهم. . فتنهد الإنجليزي مرة أخرى وصمت. . . وهنا أحسست إحساسا عميقا بأن سيطرة بريطانيا وجبروتها قد أخذ ينكمش ليتلاشى. . .
وعادت السيدة الفرنسية إلى الكلام قائلة لقد حملنا إلى الشرق أشياء كثيرة، أقول ذلك كأوربية لا كفرنسية فحسب؛ حملنا الثقافة ومبادئ الحرية وغير ذلك كثير. . .