ولم تكن تلك القافلة تحتاج إلى دليل فقد شرَّفتْ سنتريس بزياراتها مرات كثيرة، ولا سيما مدام دي كومنين التي تأنس كل الأنس بزيارة سنتريس، والتي تُعَدُّ زيارتها لداري من مواسم الفرح عند أبنائي.
إنما يحتاج إلى الدليل ذلك الموسيقارُ السابح في لُجج الأحلام محمد عبد الوهاب، وكذلك أُتيحت الفرصة لأن يترفق فيدعوني لمرافقته في طريقنا إلى سنتريس.
وماذا أستفيد من مرافقة عبد الوهاب؟
وهل يُفيق هذا الحالم حتى يعرف رفيقه في الطريق؟
ابتدأ صاحياً في المرحلة الأولى، فسأل عن منازل الكتْاب المصريين وعن مبلغ تأثيرهم في مصر والشرق، وما كدنا ننتهي من الكلام عن طه حسين والزيات والعقاد وتوفيق الحكيم حتى أسلم خياله لأحلام أوابد لا يَقْنُصها غير القلب الذي راضه الحب على التمرُّس بملاحقة أبكار المعاني. ومحمد عبد الوهاب قنّاص أحلام وألباب، وإن كان أرقّ من الزهر المطلول.
ونظرتُ إليه في غيبوبته الروحية فرأيته يُغمغم بأجراس صوتيه لا تُبِين عن لفظ مُعيَّن أو غرض محدود.