للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المسألة الاجتماعية في مصر والشرق]

بيني وبين الأستاذين

فكري أباظة وتوفيق الحكيم

للدكتور زكي مبارك

كنت توهمت أن طول عهدي بالصحافة السياسية والأدبية جعلني أعرف الناس بأساليب الجدال، وأقدرهم على الفهم لمذاهب الصحفيين في إقرار الحقائق وإزهاق الأباطيل

وكنت توهمت أيضاً أن الصحافة تهدي الجمهور، وإن كان الظاهر يلوح بأنها تستهديه، فقد كان مفهوماً عندي وعند أكثر الناس أن الصحافة قوة نورانية تبدد الظلمات، وتأخذ بيد المجتمع إلى درجات التقدم والارتقاء

كنت وكنت، إلى أن تلقيت عن الأستاذ فكري أباظة درساً لن أنساه، فما هو ذلك الدرس؟

كان الأستاذ توفيق الحكيم نشر مقالاً في مجلة المصور عن الإصلاح الاجتماعي، وقد صرح في ذلك المقال بأن المجتمع المصري سيظل في انحطاط مادام في مصر جماعة من الأغنياء يستأثرون بمصادر الخيرات؛ ثم قرر أنه لا نجاة لمصر إلا يوم تصبح (المسألة الاجتماعية) في قوة (المسألة السياسة): فتسبب إسقاط الوزارات، وتقدم وتؤخر في مراكز الأحزاب

وقد رأيت مقال الأستاذ توفيق الحكيم ضرباً من الحديث المعاد؛ فقد مضت أجيال والناس يتحدثون عن (اليوم الموعود): اليوم الذي توزع فيه أموال الأغنياء على الفقراء. وانتظارنا لذلك اليوم سيطول، فمن الخير أن نفكر في إسعاد الفقراء بطريقة عملية، فندرس أسباب الفقر لنقتلع جذوره من الأساس. ثم رأيت أيضاً أن الكلام عن (المسألة الاجتماعية) ليس إلا (بضاعة أجنبية) فهو منقول عن جماعة من الكتاب الأوربيين والأمريكان، وما يقال في الغرب لا يصلح دائماً لأهل الشرق

وسارعت فأرسلت مقالاً إلى المصور في تقرير هذه المعاني. وفي العدد الذي تلا ظهور المقال رأيت الأستاذ فكري أباظة يتبرأ مني، ويعلن أنه تلقى مئات الرسائل في تفنيد ما رأيت، وأنه سيتولى الرد علي في العدد المقبل؛ فكان رده تحريضاً للجمهور على الكاتب

<<  <  ج:
ص:  >  >>