نشرت (الرسالة) الغراء في عددها ٦٧٦ ردا ضافيا للأستاذ الجليل النشاشيبي انتقد فيه تعليقه الأستاذ المدني على (لا غير) الواردة في (عبث الوليد) ومما جاء في هذا الرد قوله: (وإن خيل انه جاء من أعمال (لا) عمل (ليس)، فالملحن نفسه يسطر) الخ. . .
وهنا مع تقديري للأستاذ الجليل وإعجابي بنقله وتحقيقه أرى أن في رده هذا ما يحتاج إلى التعليق فاستأذن حضرته في إبداء الملاحظة الآتية:
يرى لفيف من النحاة كالسيرافي وابن هشام أن كلمة (غير) لا تقطع عن الإضافة لفظا إلا إذا تقدمتها (ليس)، وفي غير هذه الحالة لا يرون القطع لعدم سماعه عن العرب ومن ثم لحنوا من يقول:(لا غير) لتجاوزه بالقطع مورد السماع قال السيرافي: الحذف إنما يستعمل إذا كانت (غير) بعد (ليس)، وإذا كان مكانها غيرها من ألفاظ الجحد لم يجز الحذف ولا يتجاوز بذلك مورد السماع).
وقال ابن هشام:(ولا يجوز حذف ما أضيفت إليه (غير) إلا بعد (ليس) فقط كما مثلنا وما يقع في عبارات العلماء من قولهم (لا غير) فلم تتكلم به العرب).
وقال الأشموني في تنبيهات الإضافة:(الثاني قالت طائفة كثيرة لا يجوز الحذف بعد غير (ليس) من ألفاظ الجحد فلا يقال قبضت عشرة (لا غير).
وبهذا يتضح جليا أن اللحن لم يجيء في نظر هؤلاء الملحنين من أعمال (لا) عمل (ليس) كما ظن الأستاذ الجليل حفظه الله وإنما أتى من مجاوزة مورد السماع في القطع كما مر آنفا ومن هنا كانت أطالت الأستاذ في الاستدلال على جواز أعمال (لا) عمل (ليس) جهاد في غير عدو، وكان على الأستاذ وقد جنح إلى تخطئة هؤلاء الملحنين كما جنح إليها كثير من المحققين أمثال أبن مالك وصاحب القاموس وغيرهما أن يقابل الدليل بالدليل، ويثبت سماع القطع مع (لا) عن العرب اللذين يستشهد بكلامهم في هذا الموضوع كما فعل أبن مالك في شرح التسهيل حيث أثبته في قول الشاعر:
جواباً به تنجو أعتمد فورينا ... لعن عمل أسلفت لا غير تسأل
ولكن الأستاذ رعاه الله اغفل هذه الناحية واكتفى بعرض (جريدة) من استعمال المؤلفين