نشرت زميلتنا المكشوف البيروتية في عددها الأخير هذه الكلمة وهذا الحديث بإمضاء (جوابة) فرأينا من فائدة الأدب في ذاته أن ننقلهما عنها لا مقرين ولا منكرين، فإن رأي الرسالة في الموضوع قد صرحت به في العدد ٣١٦ فلا تسأل إلا عنه. قال الكاتب الفاضل:
أطالع منذ أسبوعين في مجلة (الرسالة) المصرية سلسلة من المقالات للدكتور زكي مبارك ينقد فيها آراء للأستاذ أحمد أمين أبداها في الأدب الجاهلي وجنايته على الأدب العربي ونشرها في مجلة الثقافة. وقد أختار الدكتور مبارك عنواناً لمقالاته (جناية أحمد أمين على الأدب العربي). ولاشك أن التهمتين مبالغ فيهما؛ فلا الأدب الجاهلي جنى على الأدب العربي بقدر ما يتصور الأستاذ أحمد أمين، ولا الأستاذ أحمد أمين جنى على الأدب العربي بقدر ما يتخيل الدكتور زكي مبارك. فما هو السبب يا ترى في إثارة هذا النوع من النقاش، بل هذه المعركة الحامية الوطيس بين الرسالة والثقافة؟
مما لاشك فيه أن هذه الأبحاث طريفة في حد ذاتها على ما يرافقها من مبالغات وعنف في العرض والرد واللهجة. ومما لاشك فيه أيضاً أنها تحث قرائح الباحثين، فيتناولون هذا الموضوع ويعالجونه في جو بعيد عن غبار المعركة. ولابد أن يجني الأدب فائدة تذكر من درس الأدب العربي على ضوء (المعدة والروح) على أن يقارن بينه وبين آداب الأمم في عصورها المتشابهة أو المتقاربة، وعلى أن تسلم النيات وتطيب الإرادات.
وقد اتفق لي منذ يومين أن التقيت في أحد المصايف أديباً مصرياً قدم إلى لبنان ترويحاً للنفس، فجرى بيني وبينه حديث عن المعركة التي أثارها الدكتور زكي مبارك وعن أسبابها الظاهرة والخفية، فصارحني محدثي برأيه. ولما طلبت إليه الأذن لي بنقل هذا الرأي إلى قراء (المكشوف) أوصاني بإهمال ذكر اسمه، معتذراً بأنه يفضل أن يتفرج على أن يدخل شخصاً ثالثاً في نقاش قد يضطره إلى الدرس والمراجعة، وهو ما جاء لبنان إلا للراحة والسكينة. . .