للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عبد الله بن سبأ]

للدكتور جواد علي

- ٥ -

ذكر البلاذري في كتابه (أنساب الأشراف) كل أخبار أبي ذر، غير أنه لم يتطرق إلى خبر التقاء (عبد الله ابن سبأ بأبي ذر في الشام، ولا في أي مكان آخر. وقد جاء البلاذري في كتابه هذا بروايات عن أبي ذر لم ترد في الطبري مما يدل على أنه قد اغترف من منابع لم يغترف منها صاحب التأريخ. وأن أصحاب تلك الروايات لم يعرفوا عن هذا اللقاء شيئاً؛ ولو عرفوه لما تركوه.

وتجد مضمون رواية الطبري عن نطرية (أبي ذر) في المال في (أنساب الأشراف) وتجد أنه كان يقول بها وهو في المدينة قبل ذهابه إلى الشام، وأن معاوية أرسل إليه ثلاثمائة دينار، وأن حبيب بن مسلمة الفهري أرسل إليه مائتي دينار فردها. وتجد أشياء أخرى لم ترد في الطبري؛ كل ذلك حمل معاوية على توجيه أبي ذرك إلى المدينة خوفاً من إفساده أهل الشام عليه.

ويظهر من رواية (يزيد الفقعسي) أيضاً عند الطبري أن (عبد الله بن سبأ) أصاب نجاحاً كبيراً بمصر، وأنه وجد هنالك أتباعاً وأنصاراً، وأنه لقنهم (الرجعة) و (الوصية) و (الطعن على الأمراء) وأنه صار يكاتب الأمصار ويدعو إلى الفتنة. حتى ألب الناس على ولاتهم وحكامهم وقاموا بتلك الحادثة الأليمة التي آلت إلى مذابح وفتن كانت سبباً لتفريق الكلمة وحدوث الحروب.

وأن الخليفة رضي الله عنه حينما أدرك خطورة الموقف أراد الوقوف على أسبابها، ومعرفة العوامل التي أدت إلى حدوثها (فأرسل محمد بن مسلمة إلى الكوفة، وأرسل أسامة بن زيد إلى البصرة، وأرسل عمار بن ياسر إلى مصر، وأرسل عبد الله بن عمر إلى الشام، وفرق رجالاً سواهم، فرجعوا جميعاً قبل عمار فقالوا أيها الناس ما أنكرنا شيئاً ولا أنكره أعلام المسلمين ولا عوامهم. وقالوا جميعاً الأمر أمر المسلمين، إلا أن أمراءهم يقسطون بينهم ويقومون عليهم. واستبطأ الناس عماراً حتى ظنوا أنه قد اغتيل فلم يفاجأهم إلا كتاب من عبد الله بن سعد بن أبي سرح يخبرهم أن عماراً قد استماله قوم بمصر وقد انقطعوا إليه،

<<  <  ج:
ص:  >  >>