للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب]

للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

- ٢٥ -

ج٢ص١٩٢: جواب الخوارزمي (عن رسالة الهمذاني): شريعة ودي لسيدي إذا وردها صافية، وثياب بري إذا قبلها ضافية، هذا ما لم يكدّر الشريعة بتعنته وتعصبه. ولم تحترق الثياب بتجنيه وتسحبه، فأما الإنصاف في الإخاء فهو ضالتي عند الأصدقاء، ولا أقول:

وإني لمشتاق إلى ظل صاحب ... يرق ويصفو إن كدرت عليه

فإن قائل هذا البيت قاله والزمان زمان، والإخوان إخوان، وحسن العشرة سلطان. ولكني أقول: وإني لمشتاق إلى ظل

رجل يوازنك المودة جاهداً ... يعطي ويأخذ منك بالميزان

فإذا رأى رجحان حبة خردل ... مالت مودته مع الرجحان

وقد كان الناس يقترحون الفضل فأصبحنا نقترح العدل، وإلى الله المشتكى لا منه.

قلت: أغلب الظن أن الأصل (ما لم تكدر الشريعة. . . ولم تخرّق الثياب) بالخاء لا بالحاء. وعجز البيت الأول هو: (يروق ويصفو إن كدرت عليه) والبيت الأول لأبي العتاهية، وقبله:

عذيري من الإنسان لا إن جفوته ... صفالي ولا إن صرت طوع يديه

والبيتان صوت، في الأغاني في خبر:

(قال علّويَةْ: فدخلت إلى المأمون فأقبلت أرقص من أقصى الديوان، وأغني بالصوت (بالبيتين) فسمع المأمون والمغنون ما لم يعرفونه فاستضرفوه، وقال المأمون. ادن يا علويه، ورده، فرددته عليه سبع مرات، فقال لي في آخرها عند قولي (يروق) يا علويه: خذ الخلافة، وأعطني هذا الصاحب).

وجواب الخوارزمي عن رسالة الهمذاني (وما أوردته هو قسم منه) لم أجده في رسائل أبي بكر المطبوعة في قسطنطينية سنة ١٢٩٧ كما لم أجد رسالة أخرى للخوارزمي رواها ياقوت وذكره الهمذاني في حديث المناظرة المشهورة. وهذه الرسالة جواب عن رسالة للهمذاني. ولا ريب في أن الرسالتين هما للخوارزمي وفقدهما في تلك الطبعة دليل على

<<  <  ج:
ص:  >  >>