عثر سكان قرية انجليسيدس في جزيرة قبرص على جثة رجل مهشمة ملقاة على الخط الحديدي الممتد بين نيقوسيا وفاما غوستا، وسرعان ما عرفه أهلوه فهو البناء ياناغيس ستافري. فحملوه إلى القرية بين الولولة وقرع الصدور، فبكته زوجته طويلا، وذرف أولاده دموعهم السخية على جثمانه، وأقاموا الحداد في البيت، ورفعوا على دارهم اللواء الأسود وهو يحمل الأحرف الأولى من اسم الفقيد، كما هي العادة المتبعة في تلك الديار.
ثم شيع أهل ستافري وسكان القرية الفقيد إلى مقره الأخير وكان الناس يفدون إلى بيته بلا انقطاع مواسين معزين سائلين الله أن يجود ستافري بشآبيب رحمته ورضوانه.
وبعد مضي أربعة أيام على هذا الحادث ظهر ستافري في القرية فجأة، وقد أثار ظهوره بعد موته ضجة ولغطا لا حد لهما.
فمن سكان القرية من ظن بأن في الأمر شعوذة، ومنهم من ظن أن ستافري مات لكن روحه ظهرت في شخص آخر، ومنهم من أخذ يفكر جديا فيما إذا كان للشيطان إصبع في هذه القضية.
وعلى كل حال استقبل القرويون ستافري بحذر شديد، أما هو فلم يفقه شيئا من هذه الحالة الشاذة، لم يدر لماذا يرمقه الناس بنظرات التفحص والاستغراب، ولماذا رفع على بيته لواء الموت الأسود وهو يحمل الأحرف الأولى من اسمه، ولماذا استقبلته أسرته بمظاهر الترحيب والنحيب.
وبعد أن هدأت العاصفة واطمأنت النفوس زال الالتباس واتضحت الحقيقة.
كان ستافري قد أخبر زوجته مرة بأنه مسافر في طلب الرزق وأنه سيعود إليها في مساء اليوم ذاته، فذهب إلى قرية (انكورا) وعمل فيها في بناء جناح لديرها، وقد تطلب العمل في بناء هذا الجناح أربعة أيام متتالية لم يتمكن ستافري خلالها من إخبار زوجته عن مكان عمله، أو لم يجد لزوما لأخبارها لأنه أعتاد التغيب في طلب العمل.
وحدث في اليوم الثالث من سفره أن وجد سكان قرية انجليسيدس جثة مهشمة ملقاة على