للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من محاسن التشريع الإسلامي]

للأستاذ حسن أحمد الخطيب

للتشريع الإسلامي مزايا ومحاسن، جعلت شريعته أغنى الشرائع وأوفاها بحاجات الأفراد والجماعات، وأكفلها بتحقيق طمأنينة الأمم وسعادتها، وقوتها وعزتها، بل هي إذا اتبعت مع آداب الإسلام ووصاياه الأخرى كفيلة بتكوين أمة مثالية تجتمع فيها عناصر القوة والمنعة، والحياة الصالحة والمدنية الفاضلة، وتتهيأ لها أسباب التقدم والنهوض إلى أرفع المراتب وأعلى الدرجات، وبها تستحق خلافة الله في الأرض لتملأها عدلا وأمناً، وإحسانا ورحمة.

وليس في قدرتنا أن نحصي هذه المزايا لتنوعها وكثرتها، فحسبنا أن نذكر بعض محاسنها ليكون شاهد يكشف عما فيها من قوة الحياة، ونصوع العدالة، وسمو المبادئ، ونبل المقصد، وشرف الغاية، فنقول:

١ - موافقة أحكامه لمقتضى العقل

إن جميع أحكام الشرع الإسلامي جرت على مقتضى العقل، وجاءت وفق الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها قبل أن تفسدها الأهواء، وتطغي عليها الشهوات: فما نص عليه من الأحكام في الكتاب والسنة معقول المعنى، له حكم جليلة، وأسرار تشريعية سامية، حتى العبادات، لها في جملتها من الحكم والمنافع والآثار النفسية والتهذيبية والخلقية والاجتماعية، ما لا يمكن أن يخفي على ذوي العقول السليمة، ولا يضيرها أنها في بعض تفصيلاتها قد يخفي علينا وجه الحكمة فيها، فإن خفاءها لا ينفي وجودها، وقد تكون حكمته في العبادات اختبار قوة الإيمان في العبد، وامتحان طاعته وامتثاله لربه، وما لم ينص عليه، وهي الأحكام الاجتهادية المبنية على الرأي والقياس، ومراعاة المصالح، ودرء المفاسد - مصدر العقل وحرية الرأي التي لا تتقيد إلا بمراعاة العدالة، وإقرار الحقوق، وما ينبغي أن يراعي من أصول الاجتهاد الشرعي وقواعده.

فشريعة الإسلام شريعة العقل والفطرة، وليس فيها شيء يخالف القياس الصحيح، ولذا جاءت رحمة وحكمة، ومصلحة ونعمة، قال ابن قيم الجوزية في كتابه الطرق الحكمية:

(ما أثبت الله ورسوله قط حكما من الأحكام، يقطع ببطلان سنته حساً أو عقلا، فحاشا أحكامه - سبحانه - من ذلك، فإنه لا أحسن حكما منه سبحانه ولا أعدل، ولا يحكم حكما

<<  <  ج:
ص:  >  >>