كنت مع الأستاذ العقاد فاختلفنا على لفظ (الوعي الباطن) أو (اللاشعور) والاصطلاح في اللغة الإنجليزي وفي الفرنسية قلت له ماذا تعني بالوعي؟ قال الوعي من الوعاء فتكون النفس أشبه بالوعاء الذي يحتوي الأحوال النفسية قلت له هذا رأي من الآراء في تعريف الشعور أو الوعي، وهناك رأي آخر لا يجعل الشعور كالوعاء الذي يحتوي الأحوال النفسية، ظاهرة كانت أم باطنة، بل يجعل الشعور كالمرآة التي تنعكس عليها الأحوال النفسية؛ فإذا كان الأمر كذلك فاستعمال لفظ اللاشعور أصح من استعمال الوعي الباطن.
واتفقنا على أن اصطلاح (العقل الباطن) الذي شاع استعماله في مصر وقتاً طويلاً، ليس اصطلاحاً ملائماً. فنحن إذن أمام ثلاثة مصطلحات: الوعي الباطن، واللاشعور، والعقل الباطن؛ فأيها نأخذ؟ وأيها صحيح؟ ومن يستطيع الحكم على صحة هذه المصطلحات وملاءمتها لمقتضى العلم، ومطابقتها لروح اللغة؟
مهما يكن من شيء فنحن في حاجة إلى اتفاق على المصطلحات العلمية في شتى أنواع العلوم التي تقدمت تقدماً عظيماً، ونريد أن ننقلها إلى اللغة العربية. فنحن في عصر النقل أو الترجمة. وأهمية الاتفاق على المصطلحات واضحة، إذ يمتنع اللبس وتقل البلبلة والاضطراب، ويستقيم الفهم عند المطلعين، ويسهل عليهم معرفة المقضود إذا كانوا على علم بالغات الأجنبية التي نأخذ عنها.
هذا الخلاف يزيد أمره وتتسع شقته بما يجري عليه علماء الأقطار الشقيقة من ترجمة تختلف عما يجري عليه العلماء في مصر ولو أن كل قطر من الأقطار العربية استقل بوضع المصطلحات العلمية، لا تنشر في اللغة العربية بعد زمن وجيز عدة ألفاظ للمعنى الواحد، فنبتعد بذلك عن روح الوحدة العربية أو الجامعة العربية التي نعمل على تحقيقها.
ونضرب لذلك مثلاً بما جاء في كتاب (المنطق) للأستاذ جميل صليبا، عضو المجمع العلمي العربي بدمشق، وهو كتاب كبير فيه أبحاث جليلة، ولا يقلل من قيمة الكتاب ما نأخذه عليه من نقد. وصاحب الكتاب يذكر الاصطلاح العربي وإلى جانبه ومعناه بالإفرنجية. وهذا مما