بمناسبة ما نشر الكاتب الفاضل طاهر الطناحي في نسخة شهر أكتوبر سنة ١٩٤٨ من مجلة الهلال عن الآنسة مي وأثر الدكتور يعقوب صروف في حياتها. وقوله في رسالة إليها، (إنها تفكر بلغة أوربية قبل ما تعبر عن رأيها بالعربية) أرى خدمة للحق والتاريخ أن أنشر على صفحات الرسالة الغراء كتابا من الدكتور صروف كتبه إلى منذ أربع وعشرين سنة أبان فيه عن رأيه في أسلوب الآنسة مي في إنشائها، وكشف عن أشياء لم تنشر بعد عنها.
ولقد كان هذا الكتاب جواباً عن خطاب مني سألته فيه عن سبب تقديم نشر مقالات في المقتطف على مقالات بعض كبار الكتاب وتحدثت عن أسلوبها وما بعض معانيه من غموض وأجود الكلام كما يقول أهل الفن (ما يكون جزلا سهلا لا ينغلق معناه ولا يهبهم مغزاه).
وقد كنت يومئذ أتولى تحرير جريدة التوفيق وأشارك في تحرير جريدة المنصورة وأراسل جريدتي السياسة والمقطم.
وهذا كتاب الدكتور صروف من خطه لم أغير منه حرفا ولم أخرم منه كلمة:
مصر في ٨ سنة ١٩٢٤
حضرة الرصيف الكريم
سلاما واحتراما، وبعد فقد تلوت ما تكرمتم به وفيه أمران، الأول ترتيب المقالات فهذا يراعي فيه زمن ورودها أو وصول يدي إليها إذا كانت عندي، فليس في تقديمها وتأخيرها نظر إلى فاضل ومفضول. والثاني ما تكتبه الآنسة (مي) وأنا أعرف كثيرين من الذين لهم الكعب الأعلى في الإنشاء مثل المرحوم إسماعيل باشا صبري، ومثل السيد مصطفى الرافعي، يجلون قدرها ويمدحونها بالكلام والكتابة؛ وقد رأيت إسماعيل باشا صبري يقبل يدها في بيتي، ورأيت له ولولي الدين يكن ولخليل مطران قصائد في مدحها. وأظنني رأيت للرافعي أيضاً كتابا لها يطنب فيه في مدحها، فهل نسفه كل هؤلاء وهم من أئمة الأدب العربي أو نتهمهم بأنهم يقولون في الحضرة شيئا وفي الغيبة ضده؟ ثم إنني لا