للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الامتيازات الأجنبية]

للأستاذ محمد الأسمر

ما عندكَ اليوم من معنًى ومن كلمِ ... جلّ المقام عن القرطاسِ والقلمِ

أرضُ الفراعينِ ذلَّتْ بعد عزّتها ... مَنْ جرَّأ الذل حتى حلَّ بالأجم

فلو ترانا ونحن المالكون لها ... رأيتَنا وعلينا ميسمُ الخدم

جاء النزيلُ فأكرمنا وفادتَهُ ... واليومَ نسألُه شيئاً من الكرم

فأعجبْ لمصرَ وكم في مصرَ من عجبٍ ... وانظر إلى القلب في الأوضاع والنظم

كدنا لما صار من عكس الأمور بها ... نمشي على الرأس لا نمشي على القدم

كنانةُ الله تلك اليوم حالتُها ... وجودُها أشبهُ الأشياءِ بالعدم

لهوُ الأجانبِ فيها لهوُ منتصرٍ ... عاثت كتائبُه في أرض منهزم

يُمثِّلون عليها من حقائِقهم ... ما لا يمثلُه الكابوسُ في الحلم

روايةٌ هي مأساةٌ ومهزلةٌ ... فإن تشأْ فابكِ أو إن شئت فابتسم

روايةٌ قذف الأتراكُ مسرحَها ... عن أرضِهم مثلَ قذف البحر للرمم

رموا به أنفاً من أن يقال لهم ... ما بالُه وهو عار غيرَ منهدم

ونحن لسنا بدون الترك منزلةً ... ونحن لسنا بدون الصينِ والعجم

هُمْ حطَّموه فما مالَ الوجودُ بهم ... ولا تداعت نواحي الأفْق بالسُّدُم

هم حطَّموه ورحنا نحن نحمله ... فوقَ الكنانةِ حمل الهم والسقم

الأجنبيُّ على الوادي يسيرُ به ... كما تسيرُ رعاة الشاء بالغنم

من يوم حلّ به ضيفاً تملكه ... ينهى ويأمرُ فيه غيرَ محتشم

ينهى ويأمرُ فيه جائراً أبداً ... فمن يقولُ له أخطأت فاستقم

ينال ما يشتهي منه وليس لنا ... إلا الفتاتُ، وما يُلقي من اللُّقم

تشكو المجاعةَ بالوادي عشيرتُه ... والأجنبيُّ به يشكو من التخم

الغرم قِسمتُنا والغُنم قسمتُهم ... لبئس ما فرضوا فيه من القِسَم

لو لم نكن رمما في الناس ما ظفرت ... بنا عصائبُ للغربان والرَّخم

حامت علينا، ولو ألفت بنا رمقا ... لأجفلت مثل ما جاءت ولم تحم

<<  <  ج:
ص:  >  >>