أبدأ حديث اليوم بالاعتذار لفريق من القراء يريدون أن نكثر من الشواهد كما صنعنا عند الكلام عن إحساس ابن خفاجة بالطبيعة والوجود، فالنضال بيني وبين حضرة الأستاذ أحمد أمين يمس شؤوناً لا تهم غير الخواص، وهم في غنى عن سوق الشواهد وضرب الأمثال
أما الأديب الذي كتب من القدس ولم يذكر اسمه ولا عنوانه فأنا أرجوه أن يعفيني من إثبات رأيه في الأستاذ أحمد أمين لما فيه من إيذاء. وأما رأيه في فلا يحتاج إلى إثبات؛ ولعله استقاه من كتاب (ليلى المريضة في العراق) وأنا راض عما شهدت به على نفسي في أكثر مؤلفاتي. وكنت أستطيع أن أقول إن العيوب التي أضفتها إلى نفسي ليست صحيحة، وإنما جعلت نفسي صورة إنسانية أدرس على حسابها ما في الناس من محاسن وعيوب، ولكني في الواقع لا أهتم بأقاويل الناس ولا أقيم وزناً للأراجيف، لأني مؤمن أصدق الإيمان بأن الناس لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، فهم أعجز من أن ينفعوني أو يضروني؛ وأنا فوق ذلك أعرف أن الأساس السليم هو خلوص النية، وسلامة ما بيني وبين فاطر الأرض والسماوات، وهو عز شأنه يعلم ما بينه وبيني، ولولا فضله ورحمته وستره لكنت اليوم من الهالكين
كم تمنيت لو استطعت شكر الله على نعمه وآلائه، ولكن هيهات، فلله نعم تجل عن الحمد والثناء، ومن تلك النعم نعمة الرضا المطلق بما كتبه وقضاه، فما أذكر أبداً أني جزعت أو ضجرت من مكروه يلم بي. وهناك نعمة أعظم تفضل بها علي الله، وهي الأيمان بأنه تباركت أسماؤه هو وحده القادر على الضر والنفع، فما خشيت غيره ولا رجوت سواه
فأن كنت صادقاً فعند الله جزاه الصدق؛ وان كنت كاذباً فالله وحده هو الذي يملك ستر العيوب، وغفر الذنوب، وعليه أعتمد في نجاتي من شر نفسي
مولاي أنا أحب أن أكثر من الثناء عليك، ولكني أخشى الوقوع في مزالق الرياء، فارض مني بالقليل يا من لا يعرف القليل في الإحسان إلى العاصين والطائعين
إن الكافرين بنعمتك لم يفتهم برك وإحسانك، فكيف يفوتني لطفك وعفوك وسترك وأنا في