كان من صدى الإعلان في (الرسالة) عن كتاب عالم الذرة ثلاث رسائل لا أكثر من بعض القراء. وصاحب إحداها بفرض علي جزاء لقراءته مقالاتي في الرسالة أن أقدم إليه كتابي مع الشكر وأنا أقول له:
أنت غال وقد طلبت رخيصاً ... ينفع العلم أن تنله قنيصاً
وصاحب الرسالة الثانية يطلب الكتاب هدية لا قيمة لها جزاء تدلله في حبي. وقد حبر بهذا الكتاب أربع صفحات. وأنا أظنه من حسناء، حتى كدت أعتقد أني أخو أفروديت أو ابن فينيس، أو أني كيوبيد بعينه على الرغم من أني (بلغت من الكبر عتياً) والسنون (قد أحوجت سمعي إلى ترجمان) وما انتهيت من تلاوة الرسالة حتى رأيت نفسي أمام المرآة.
وصاحب الرسالة الثالثة قصم رقبة ضني بأن استشفع بعيد ميلاد فاروقنا المعظم لأنه كتبها في يوم العيد السعيد. وأنه أرجو من حضرات القراء الكرام أن يعلموا أني أغلقت باب الشفاعات لكيلا يستشفعوا بالنبي وبالمسيح الرحيم. وخير لهم أن يتشفعوا بالقروش العشرين إن كانوا يرون أن كتابي يساوي هذا الثمن السقيم، والحمد لله رب العالمين.
نقولا الحداد
٢ش البورصة الجديدة بالقاهرة
لاوجود إلا وجود واحد:
لاشك أن آفة الشرق هي الغرب، وأن داء الشرقيين المستفحل هو إيمانهم بأن كل ما أتى به الفكر الغربي من مذاهب هو المثل الأعلى الذي ينبغي أن يحتذيه كل فكر ينشد الكمال. ونحن العرب نتخذ دائماً من المعايير الغربية مقاييس أفكارنا. فإن خالفتها فهي مبهمة غامضة، وإن سارت على منوالها فهي واضحة جلية، ولا نفكر مطلقاً في أن نعتز بنتاج الشرقيين بل ننظر إليه من خلال المذاهب الغربية التي تحول دون فهمه فهماً صادقاً، وتفسد أحكامنا عليه.
وها هو الأستاذ نقولا الحداد لم يستطيع أن يفهم مضمون حقيقة وحدة الوجود عند طاغور؛