للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحركة التربوية في مصر]

للدكتور ستانلي جاكسون

ترجمة الأستاذ حسن حبشي

(دكتور ستانلي جاكسون - صاحب هذه المقالات - من رجال التربية والتعليم، خبرهما في مصر وفي إنجلترا من قبل، وتتلمذ على يده كثيرون من مدرسي اليوم، وهو ممن يؤمنون أيمانا عميقا بتطور الحركة التربوية في مصر وبأن للتعليم رسالة اكبر من التلقين هي الخلق والتكوين، وهذه المقالات التي نترجمها على صفحات الرسالة قد انطوت على كثير من الآراء والنظرات الصائبة فيما يتعلق بالتعليم في حاضر هو مستقبله).

حينما اقلب الطرف في عناية دقيقة مستوعبا الحالة التعليمية، ألاحظ آمرين جوهريين في التعليم المصري هما علة ضعفه الكبرى، أولاهما تلك الهوة الشاغرة بين المدارس والمعاهد ذات النظام الشرقي وبين زميلاتها الآخذات بالنمط الغربي، فالرابطة بين هذين الضربين من المعاهد ضئيلة، أو تكاد تكون معدومة، فلقد جرى القائمون بشؤونها - عمدا أو صدفة - على اتباع سياسة الفصل والتفرقة بينهما؛ إما مصدر الضعف الثاني فهو إن نوع التعليم المتبع في كلتا المجموعتين أميل لأن يكون تعليما نقليا صرفا، وفي حين أخر يعتمد على استيعاب الكتب، فهو كان ولا يزال في معظم نواحيه تعليما جافا، لا يرتكز على أسس إنسانية، بل إنه ليعتمد على التلقين والإصغاء، وقلما يأبه بالتفكير والإبداع، أو بعبارة أخرى نستطيع القول بأنه يعنى بتكوين نماذج، وفي كثير من بقاع العالم يتخلون عنه إيثارا لتعليم اكثر حرية وأمس بالإنسان رحما، وهو تعليم يرى أن أهمية العناية بتنشئة الجسم والعواطف والخلق تكافئ العناية بتربية الذهن، ولما للظاهرة اللغوية في التربية من الأهمية فهي جديرة بأن تلقى من العناية العظمى ما أوقن معه إنها صادفته في مدارس هذا البلد.

من المسائل التي تشغل مكانة عظمى في تفكيرنا في الوقت الحاضر مسألة التربية وتأثيراتها على الخلق وفي الأمور الاجتماعية، وسأشير في هذا المقال إلى ناحية واحدة فحسب، هي أن حاجة مصر ستزداد في أيامها المقبلة إلى القادة، لاسيما وهي في طريقها إلى النهوض وفي طموحها لان تكون لها حياة قومية مستمدة من ذاتيتها، ولست اعني (بالقادة) أولئك الرجال العظام رمز الأهمية القومية، بل اقصد نوعا من القادة دون هؤلاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>