بمناسبة انقضاء خمسين عاماً على وفاة فيكتور هوجو، سيكون النظر في كتاباته والتحدث عنها من خير الوسائل للاحتفاء بذكراه، بل هو أحسنها على الإطلاق، لأن الشاعر يعيش بآثاره لا بما يقول الناس عنه، ولا بما يصنعون (لتخليد) اسمه
ومن آثار هوجو ما هو خصيص بعصره، ومنها ما لن يستوعبه إلا المستقبل، ومنها ما هو لكل زمنٍ وكل مكان، ومنها ما يخيل أنه وضع لأيامنا هذه. ومع أن حكاية أمبير جلوا من أقل كتابات هوجو ذيوعاً، فهي أكثر ما تكون انطباقاً على حالة طائفة من الشبان في هذا العصر، حتى في هذه البلاد - مع اختلاف نوع الحافز لانفعال الغرام
ومن يكون أمبير جلوا؟
هو فتى سويسري، ووالده يعلم الخط في مدارس جنيف، استغواه أسم باريس، فراح يجري وراء السرابِ الذي أغرى الكثيرين بأن تلك المدينة العظيمة هي عاصمة المغامرة بالمواهب والمضاربة، وأن كلُّ لبيبٍ باسلٍ يجد فيها المستقبل الذي يستحقه وخلاصة ما يصبو إليه من نجاح وثروةٍ وشهرةٍ ومجد. (فمن دخلها بلا حذاء، خرج منها في مركبة)
وقد دخلها أمبير جالوا في أكتوبر ١٨٢٧، ومات فيها بؤساً ويأساً في أكتوبر ١٨٢٨
عامٌ واحدٌ لا غير، لتحيا فيه جميع الآمال، ولتخيب فيه جميع الآمال. ويصف هوجو بطله شاباً مديد القامة، محني الظهر قليلاً، برّاق العينين، فاحم الشعر، وردي الوجنتين، يرتدي رادنجوتاً أبيض، وعلى رأسه قبعة قديمة. في الجملة الأولى يتلعثم إذا هو يذكر أسمهُ وأسم المدينة التي كان فيها طفلاً ثم أسم المدينة التي يريد أن يكون فيها رجلاً. هو في الحادية والعشرين من عمره، وثقته بنفسه أقلّ من ثقافة فكره ومن خصب جنانه. هو يسعل قليلاً؛ وبحركةٍ مرتبكةٍ يحاول إرجاع قدميه إلى الوراء تحت الكرسي. ربما ليخفي حذاءه الرث ذا