تدعو الرسالة الشباب دعوة حرة جريئة إلى العمل السياسي، وقد يعجم على بعض الناس غرض الرسالة من دعواتها، وينبهم عليهم وجه الحق والمصلحة فيها.
وإنما تريد الرسالة ونريد معها شباباً مطبوعاً على الوطنية قد سرت في دمه مسرى الدم الحار في عروقه، وتشبعت بها روحه واستبطنتها نفسه، فصارت جزءاً منها لا وطنية مصطنعة زائفة تلبس وتخلع كالرداء.
نريد شباباً غزلاً كلفاً صباً لا بالحور الحسان والخرد الغيد، ولكن بحب مصر. نريد منهم وطنية تفيضها الغريزة لا تكلف فيها ولا تعمل، تنتقل بقانون الوراثة من الأجداد إلى الأحفاد كما تنتقل مميزات الشعوب الراقية من السلف إلى الخلف: أي نريدها خلقاً لا حرفة.
نريدها وطنية طاهرة نقية كنفوس الشباب لم تلوثها جراثيم المنفعة ولا أرجاس الأهواء والشهوات، تسمو سمو المثل العليا لا تسف بالتطبيق المحرف الخاطئ.
نريدها وطنية عامة شاملة تسع الدولة والمواطنين وتسوي بينهم، لا وطنية ضيقة العطن محدودة المدلول محصورة بالأحزاب والأشخاص. يجب أن ينبلج الصبح على أعين نفر من النفعيين يحرمون على الشباب الاشتغال بالسياسة كأن السياسة حرفة لا تحترف إلا بترخيص. يجب أن تحشد جميع قوى الأمة لمصلحة الأمة فيعمل الكل في حقل الوطن لينتج للوطن.
إن الحياة صراع وغلاب ولا سيما في عصر الكهرباء والكيمياء واللاسلكي، فليس من سداد الرأي ولا من بعد النظر أن تحيا الأمة عالة على زعمائها؛ وليس معنى هذا ألا يكون للشعب زعماء، ولكننا ندعو كل فرد أن يكون بنفسه دائرة كهربائية تامة، فإذا ما وصل بينها واجتمع شتيتها ووجهتها زعامتها الرشيدة كانت قوة لا تغلب.
إن نظرة فاحصة إلى ألمانيا وإيطاليا وتركيا تؤيد ما نقول، فانك لا تسمع اسم إحداها إلا وتصورتها كتلة واحدة من القوة مندفعة نحو غايتها كأنها قنبلة انطلقت من فوهة مدفع، وإن دخانها وجلجلة صوتها وصخب قصفها لكاف في شق طريقها وتعبيد مسراها بله كتلتها