بقيت أغراض الشعر في هذا الدور كما كانت علية من قبل. فكان باب المدح يحتل معظم ديوان الشاعر، فالشاعر في هذا العصر مداح ليس إلا، يعيش ليمدح هذا وذاك، وينظم القصائد الطوال في الإشادة بمناقب هذا الأمير أو ذاك الوزير، راجياً صلة أو وظيفة أو ترقية أو علاوة. فإن رأيت شيئاً غير المدح فهو قليل لا يكاد يذكر. وكانت قصائد المدح تبدأ غالباً بغزل متكلف مصطنع.
وكانوا يبدءون قصائد الرثاء بالتحدث عن الموت الذي يسطو على الناس فيختار الجياد منهم. ويشيرون إلى هلاك الملوك وفناء العظماء. ويذكرون استحالة البقاء وأن الموت غاية كل حي، وطريق تسير فيه السادة والعبيد، والأغنياء والفقراء، والصعاليك والأمراء. ثم ينتقلون من هذا إلى ذكر مناقب الفقيد والتنويه بمزاياه وصفاته. ثم يختم الرثاء بإشارة موجزة إلى ما أعد للفقيد في الجنة من نعيم مقيم وحور عين. ومثال ذلك قول الليثي في رثاء عبد الله فكري:
ومن بان في الفراديس ناعم ... يظل ظليل دوحه يتهدل
يغازل ولدانا وحورا على صفا ... وفي حسنها من لطفه يتغزل
تبارك من قد خاره لجواره ... وخيره في أنعم تتذلل
وإذا رثى الشاعر زوجته أو ابنه أو بنته أو أباه وصف أدوار المرض التي تقلب فيها الميت وأشار إلى الطبيب وما قام به من علاج، ومثال ذلك قول صالح مجدي يرثى زوجته:
ولا كان (بدر) جاء يحيي مواتها ... بطب عسيف كان فيه أذاها