قد كنت ولا أزال من أشد المتحمسين لفكرة إنشاء اتحاد إسلامي عالمي يضم الشعوب المتجانسة والدول المتجاورة الممتدة من الباكستان شرقا إلى تركيا ومصر غربا، وربما يتسع نطاقه فيما بعد في الناحيتين الشرقية والغربية إلى إندونيسيا والمغرب الأقصى. وازهي بالقول بأن المسلم الهندي أفعم قلبه إيمانا وإخلاصا لهذه الفكرة التي ازداد طموحه إليها بعد أن نجح في خلق أداة قوية فعالة، ألا وهي دولة الباكستان للمساهمة في إبرازها إلى حيز الوجود.
ولكن نظرة المسلم الهندي إلى العالم الإسلامي إنما كانت إلى وقت غير بعيد نظرة عاطفية خيالية هي أبعد شيء عن الحقيقة والواقع فإنه كلما حول وجهه إلى تلك الرقعة الشاسعة التي يقطنها المسلمون من العرب والعجم والترك رأى دولا قيل إنها مستقلة، وتيجانا ربما ادعى أنها ترمز إلى مجد الإسلام الغابر، وشعوبا مسلمة تؤلف الأغلبية الساحقة في حدود بلادها - الصفة التي كانت تنقص المئة مليون من المسلمين في الهند الموحدة والتي كان انعدامها مصدر جميع آلامهم وإخطارهم في المستقبل. فلم يكن المسلم الهندي ليتصور أن يكون هناك أي مانع عند تلك الشعوب المتماسكة والدول المستقلة من الاتجاه إلى التضامن والاتحاد على أساس الدين الذي كان ولا يزال يعتقد - حسب فهمه هو - إنه ملك وسياسة قبل أن يكون صلاة ودعاء. ومما ساعده على هذا الظن - الخاطئ مع الأسف - تلك الألقاب الفخمة المشعرة بحماية الدين ونصرة الإسلام والمسلمين التي يتحلى بها بعض الأمراء والأعيان في الأقطار المختلفة (كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد) ومظاهر أخرى مثل صدور الفتاوى من مشيخة الأزهر (إلى العالم الإسلامي كله) تلك الفتاوى التي عرفت الآن أنها لا تصدر عن شعور داخلي حر بخير (العالم الإسلامي كله) ولا عن دراسة وافية للأحوال والظروف الخاصة بالمسلمين في الأقطار المختلفة. بل إنها ربما تستصدر لمصلحة عاجلة. ويا حبذا لو أن كبار العلماء تنازلوا عن سلطتهم المنتحلة هذه كما فعلت تركيا حينما ألغت الخلافة بعدما رأت عجزها عن إسداء أي عون مادي أو أدبي إلى ما يسمى بالعالم الإسلامي.