للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب في سير أعلام:]

ملتن. . .

(القيثارة الخالدة التي غنت أروع أناشيد الجمال والحرية والخيال. . .)

للأستاذ محمود الخفيف

- ١٥ -

بين الطغيان والحرية:

واستبدل شارل بالأمر أحد عشر عاماً لقي أثناءها الإنجليز ما شاء له طغيانه من ضروب العسف والإذلال، وكان وليم لود الذي رقى في عام ١٦٣٣ إلى منصب كبير الأساقفة مشيرة في الشؤون الدينية ولورد استرافورد مشيرة في الشؤون السياسية.

وامتحنت الحرية امتحاناً طال ليله واشتد بالناس هوله، وسلط لود على البيوريتانز من أنواع الاضطهاد وأساليب العسف ما شاء له سلطانه وما أملاه غيظه وغلظه فكانت تكوى جباههم وصفحة وجوههم بالحديد المحمي أو تقطع أطراف آذانهم أو أنوفهم وليس لهم منجاة من هذا العذاب إلا أن يطرحوا عقيدتهم؛ ولكنهم كانوا يمدون آذانهم وجباههم ووجوههم وأنوفهم جماعات إلى من يكويها أو يتحيفها دون أن يذل لهم إباء أو تهن لهم عقيدة، وكانوا كلما أمعن لود في تعذيبهم ازدادوا تمسكاً بمذهبهم وازداد مذهبهم رسوخاً وانتشاراً كالشجرة كلما امتدت إليها الأيدي بالتقليم تغلغلت في الثرى جذورها وامتدت في الجو فروعها.

ولم يقتصر التعذيب على عامة البيوريتانز، فامتد إلى الخاصة وشمل كل من كتب شيئاً ضد الملك أو الأساقفة، وكان يعين الملك في طغيانه محكمتان: إحداهما هي محكمة غرفة النجم، والأخرى محكمة عليا أنشأتها اليزابيث أول الأمر للحكم على من يخالف قرار توحيد العبادة؛ وكان من الضحايا العديدين لهاتين المحكمتين أحد كبار رجال الدين فضرب وحبس ووضع في الأصفاد وقطعت أذناه لأنه كتب ينتقد لود وأساقفته؛ وأحد رجال القانون لأنه كتب كتاباً يعيب فيه على من احترف التمثيل من الأوانس والسيدات مسلكهن فظن أنه يعرض بالملكة فيما كتب ولم يك جزاؤه أخف من سألفه؛ ومن هذين المثلين ندرك مبلغ ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>