صحت نبوءتك فتعافيت لا بفضل صديقتك الحسناء ولكن بفضل انتقالي من سان فرنسيسكو برياحها الرطبة المتغيرة أبداً، إلى مدينة صغيرة في وسط الوادي تسمى وقد شممت فيها رائحة مصر فعافيت!
أذكر أنك كتبت مرة عن الربيع وشعراء الربيع في مصر. أنا أوافقك على الشطر الثاني، أوافقك على أن شعراء الربيع في مصر (عره!) أما إنحاؤك على جو مصر، وترابه وعفاره. . . الخ فأؤكد لك أنه (بطر) بنعمة الله! هنا أمريكا التي ينشرون دعوة طويلة عريضة عن جوها وبخاصة جو كاليفورنيا، لا تقاس بشيء إلى مصر. ولا تسمع ما يقوله بعض الرقعاء عن جو فرنسا فبين يدي الآن رسالة من شاب مصري غير مخدوع، يعيش في فرنسا مفتوح العينين، يحدثني عن التقلبات والأنواء، ويتمنى نسمة مصرية، وهذا هو ما أتمناه أنا كذلك!
إننا ننقص من قدر أنفسنا حتى في الطبيعة، أما الأجانب فيعرفون كيف يقمون بالدعاية لبلادهم ليجلبوا إليها الناس، لغرض (مادي) هو الحصول على نقد أجنبي. وإن كان الذين زاروا مصر فهم يخجلون أن يقيسوا بلادهم إليها.
إننا نملك أشياء كثيرة ولكننا لا ننتفع بها ولا نستغلها. . . هذه هي المسألة، فإذا أنحينا باللائمة فلننح، لا على بلادنا، ولكن على تلك الحفنة الجاهلة المريضة الأنانية التي تتولى أقدارها، ولا تؤدي لها خدمة ما، ولا تستغل كنوزها، سواء كنوز الطبيعة الأرضية أو كنوز الطبيعة البشرية.
إننا نملك طاقات من الذكاء الخارق - حين نقارن شعبنا إلى شعب كالأمريكاني - ولكننا نهمل هذه الكنوز بالجهل والأمية والفقر المدقع القاتل لكل موهبة، وذلك لتستمتع حفنة من (الباشوات) و (الكروش) بترف لا تعرفه القرون الوسطى.