للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أبطال اليهود]

بين القرآن والعهد القديم

للأستاذ محمد خليفة التونسي

قبل عامين كتبت مقالا في هذه المجلة مقدما به إلى قرائها كتابا كان ظهوره في تلك الأيام عجيبا مريبا، وكان موضوعه (موسى) ومؤلفه عالما مصريا، وكان مما لاحظته وسجلته في مقالي عنه يومئذ ما نصه: (والمؤلف يسوق قصة موسى كما وردت في القرآن وقصته كما وردت في التوراة على أنهما متكاملتان، وهذا السياق يوقعنا في خطأ كبير. وهاأنذا أقرر - ولا أدري أحدا سبقني إلى قراري هذا - أن الصورة التي يتبينها القارئ في نصوص القرآن لموسى تختلف اختلافا كبيرا عن الصورة التي يتبينها له من تأمل نصوص التوراة، وأن الله في نظر موسى كما ذكر القرآن يختلف اختلافا كبيرا عن (يهوه) في نظر موسى كما ذكرت التوراة، فإن موسى المؤمن بالله الواحد غير موسى الذي اختص هو وقومه بعبادتهم (يهوه) مرة، و (الوهيم) - ومعناها الآلهة - مرة أخرى)، ثم بينت هناك بالإجمال صورة (يهوه) إله موسى كما تستخلص من نصوص التوراة.

وهذه الملاحظة لا تصدق على موسى والإله في نظره فحسب، بل تصدق على كل أبطال اليهود قبله وبعده ممن رسمت صورهم أو جوانب بارزة منها في القرآن والعهد القديم معا، ولو كانت الوقائع في كلا الكتابين متفقة أو كالمتفقة.

ولا خلل في هذه القاعدة إذا طبقت على أكبر هؤلاء الأبطال وهو إليهم أو على أصغرهم، ولا حاجة بنا إلى تغيير كثير أو قليل فيها إذا قارنا بين صورتي أي بطل عداه من الأنبياء والملوك والزعماء والعامة سواء أكانوا في الصالحين أم في الطالحين ومجمل النتيجة التي ننتهي إليها بعد عقد كل المقارنات يمكن حصره في هذه العبارة الوجيزة: صور هؤلاء الأبطال في القرآن (صور إسلامية) وصور في العهد القديم (صور يهودية).

وقد يشتد الخلاف بين صورة البطل هنا وصورته هناك حتى يبلغ حد التناكر. وتبرؤ كل صورة من الخرى، كاختلاف الضدين أو النقيضين. وقد يدهشنا بقاء هذه الحقيقة خافية - مع قربها ويسرها - حتى الآن.

فالكتابان كلاهما معروفان حق المعرفة للملايين منذ عهود سحيقة؛ ودرس الديان وكتبها

<<  <  ج:
ص:  >  >>