ثار جدال واشتد نزاع على اشتراك المرأة في الانتخاب. وحسبي في هذا المقال أن أصور للقراء جدالا في مجلس ضم جماعة من أولي العلم تختلف آراؤهم في هذا الشأن.
تحدث حاضرو المجلس في بعض ما نشر في الصحف تأييداً لمطالبة المرأة، أو المطالبة لها بالانتخاب، وإنكاراً لهذه المطالب. فبدأ أحد المتكلمين الجدال إذ قال:
حقٌّ للمرأة كيف يجحد، وكرامةٌ لها كيف تهان، ومشاركة في تدبير أمور الأمة كيف تحرَّم عليها؟ لا أرى لمنكر حجة، ولا لمخالف عذراً).
قال أحد المتحدثين: (وددت أنّا تجنبنا هذا الحديث في هذا المجلس، ولكن صاحبنا لا يجد لمنكر حجة ولا لمخالف عذراً، فحق علينا أن نبيّن حجتنا وعذرنا.
إنا نعوذ بالله من السياسة ومكايدها، وعصبية الأحزاب وطرائقها، وتحيز الصحف وجدالها.
ونعوذ بالله أن تسابق المرأة في هذا المضمار، وأن تَصلى بهذه النار. ونعيذها بالله أن تَشغل نفسها بهذا اللجاج، وأن تزج نفسها في هذا العجاج، ونحذر أن تمتد ضوضاء السياسة إلى سكينة البيت، وخلافُ الأحزاب إلى وفاق الأسرة.
أن من شئون الأمة لشئوناً ينبغي أن تُنزَّه عن الجدال، وتُصان عن النزاع والخصام، ويكتنفها الوفاق والوئام، وتحوطها السكينة والسلام، وأولها شئون الأسرة.
إننا لا نرضى لطلبة العلم أن يعملوا في السياسة فيتفرقوا شيعاً، ونود أن تكون معاهد التعليم للأمة كلها، يجمع طلابها الحق، ويؤلف بينهم العلم، ويوكد أخوتهم التعاون على كل بر، والجهاد لكل خير. وقد خبرنا من عمل السياسة في الطلبة ما خبرنا، وبلونا من شرها ما بلونا.
وإن الأمم تنأى بالجيوش عن معارك السياسة وخصومات الأحزاب، لأنهم للوطن كله، وللأمة جميعها، والوطن واحد والأمة واحدة.