[من أدباء الحجاز]
عبد العزيز الزمزمي
- ٢ -
للأستاذ عبد الله عبد الجبار
ولقد كان الأديب الحجازي عبد العزيز الزمزمي ينظم الشعر حتى بعد أن وهى جسده وهن عظمه، وضعفت قوته. وكانت قريحته أسعفته وهو في سن السبعين بنظم القريض. ففي عام سبعين وتسعمائة انشد قصيدة عذبة، قوية النسج، جميلة الديباجة، يقل فيها اثر العمل والتكلف، وفي مفتتحها هذه الأبيات:
دعاك إلى زيارته الحبيب ... فهلا إذا دعاك لها تجيب
أيا داعي الفلاح وأنت داع ... تلين بما دعوت له القلوب
لقد أسمعت لو ناديت حيا ... ولكن شأن من تدعو غريب
إذا سمع الندا ونوى نهوضا ... تنوء به وتقعده الذنوب
وتظهر قيه عجز لا يقوى ... فيوشك جسمه وهناً يذوب
ولكن ربما جذبته قهراً ... عناية من دعاء فيستجيب
ومنها يصف بزوغ فجر الإسلام:
أتيت بملة بزغت كشمس ... ولكن مالها أبدا غروب
لقد نسخت بها ملل فغابت ... طوالعها وحق لها المغيب
به الإسلام حين أتت غريب ... فآنس أهل ملته الغريب
تنادوا كلهم أهلا وسهلاً ... هلم فعدنا السوح الرحيب
فكان لهم بنصرته اغتباط ... وكان نصيبهم نعم النصيب
ولقد كان من أهم الأغراض الشعرية التي احتلت مكاناً بارزاً في شعر الزمزمى، الحنين إلى الأوطان، فهو بحكم رحلاته الكثيرة المتعددة، وما كان يلقى فيها من عنت ومشقة، وما يحسه من آلم لفراق الأصحاب والأحباب، والأهل والولد، يسفح الدم شعراً رقيقاً يملأ النفوس أسى، ففي رحلته الأولى إلى بلاد الروم شخص من مكة مع الركب المصري ثم