للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[غريب اللغة في الميزان]

للأستاذ عبد القادر المغربي

من مشاكل الحياة ما لا يمكن حله، أو لا يرضي الناس أن يتلقوا حلّه من شخص واحد مهما علت منزلته في العلم والفضل لما يصادم ذلك من التحزب للرأي، والمنافسات بين المتنازعين، حتى ينزلوا أخيراً على حكم الجماعات التي لا تجد النفوس (غالباً) حرجاً من التسليم لها والرضى بحكمها

ومن هذا القبيل مشكلة إيجاد كلمات جديدة نحتاج إليها في نهضتنا الحديثة، سواء أكانت تلك الكلمات أعجمية الأصل، أو عربية لكنها غير مأنوسة الاستعمال، فان ضجيج النزاع يشتد حول تلك الكلمات ويَرى كل من المتنازعين أن يُحَكّم ذوقه غالباً، وعلمه أحياناً، في قبول هذه الكلمة، وعدم قبول تلك. والتشاؤم بكلمات اللغة يرجع في الأعم الأغلب إلى أمور أربعة:

١ - كون الكلمة من أصل أعجمي أو عامي

٢ - كون الكلمة غريبة غير مأنوسة الاستعمال

٣ - كون الكلمة مأنوسة المعنى مكروهة اللفظ ككلمة (ضيزي)

٤ - كون الكلمة على العكس مأنوسة اللفظ لكنها مكروهة المعنى كالكلمات الدالة على ما يستحي من ذكره

ويهمنا من هذه الأقسام القسم الثاني: وهو كون الكلمة غريبة لا يُعنى بها إلا المتخصصون في اللغة لكن استجدَّ في لغة حياتنا اليومية فراغ لا يسده إلا بعض تلك الكلمات الغريبة، فكيف نصنع؟ هل نستعملها غير مبالين أذواق القراء؟ أو نهجرها غير مبالين إهمال مصدر من مصادر تنمية اللغة، ولا تعطيل معدن تستخرج من شذراته مادة لتلك اللغة التي يخشى أن تقضي عليها الألفاظ الأعجمية

وعندي أن ليس كل غريب اللغة مما يحسن هجرانه وترك الانتفاع به، بل إن من كلماته ما استجمع شروط الفصاحة وإنما يعوزه الاستعمال فيُصقل ويصبح مأنوساً مألوفاً

ومرادي بالغريب هنا ما يجهله عامة متأدبي هذه الأيام. فهذا ما نريد أن نردد القول فيه، ونميز بين ما نحن في حاجة إليه وما نحن في غنية عنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>