[أصحاب المعالي]
(إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها)
(حديث شريف)
للأستاذ محمد محمود زيتون
ويضارع المتنبي في هذا أبوفراس الحمداني الذي يجعل الدم سلاحاً ذا حدين، فهو للأضياف تارة، وللأعداء تارة أخرى، والكرم والجهاد للمعالي سبيلان:
للقا العدى بيض السيو ... ف وللندى حمر النعم
هذا وهذا دأبنا ... بودي دم وبراق دم
ويقول بشار بن برد:
وأبسطهم راحة في الندى ... وأرفعهم ذروة في العلا
ومن أصحاب المعالي الممتازين الشريف الرضي، ففي أبياته الآتية ذخيرة عالية:
لغير العلا مني القلى والتجنب ... ولولا العلا ما كنت في الفضل أرغب
ملكت بحلمي فرصة ما أسترقها ... من الدهر مفتول الذراعين أغلب
فإن يك سني ما تطاول باعها ... فلي من وراء المجد قلب مدرب
بحسبي أني في الأعادي مبغض ... وأني إلى عز المعالي محبب
فللحلم أوقات وللجهل مثلها ... ولكن أوقاتي إلى الحلم أقرب
يصول على الجاهلون وأعتلى ... ويعجم في القائلون وأعرب
ولست براض أن تمس عزائمي ... فضالات ما يعطى الزمان ويسلب
فهو راغب فضل، وصاحب حلم وإباء عن دنيات الأمور، لا يباعد بينه وبين عز المعالي أراجيف العدو، ولا فضالات الدنيا ولا حداثة السن.
ويلاحقنا في هذا المضمار الملك أبوفراس مرة أخرى، فلا يرتضي لأصحاب المعالي أن يحول صغر السن دون مآربهم:
أما أنا أعلى من تعدون همة ... وإن كنت أدنى من تعدون مولداً
ويقول الشماخ في عرابة بن أوس الذي اصطف للقتال وهو دون الأربعة عشر يوم أحد:
رأيت عرابة الأوسي يسمو ... إلى الخيرات منقطع القرين