[زهرة آذار]
بقلم أمجد الطرابلسي
(مهداة إلى صديقي أنور العطار)
يا زهدةً بعدَ طويلِ الأسى ... جادتْ بها أفراحُ آذارِ
حُيّيتِ بَلْ قُدسْتِ من زخرةٍ ... رَفَّتْ رَفيفَ الحُلُمِ الساري
حُيَيتِ من مَزْهوَّةٍ كالصبا ... مُحْمَرَّةٍ كالَّلهبِ الواري
طلعتِ فانجابتْ غُيومُ الأسى ... مِن بعدِ أرياحٍ وأمطارِ
بَسَمتِ للرَّوضِ وَحَيَّيتْهِ ... تحيَّةَ الغائبِ للدارِ
فَضَجَّ بشراً واكتسى حُلةً ... بيضاء من نور ونَوّارِ
وانبعثَ الوُرْقُ بأفيائِهِ ... تشدو لآصال وأَسحارِ
ودَغْدَغتْ أفنانَه نَسمةٌ ... تَخْطِرُ بين الآس والغارِ
تالله ما أدري أيا زهرتي ... ما هِجْتِ في قلبي وأشعاري
تركتِ قلبي أيَّ مستعبرٍ ... ينزو، ودمعي أيَّ مدرارٍ
لولا هوىً أجَّجتِ في خافقي ... ما صغتُ يوماً فيه أشعاري
أحييتِ في قَلْبيَ مَيْت المنى ... وهِجْتِ أحلامي وأسراري
. . أأنت من نارِ الحشا جمرة؟ ... أم أنتِ مَلآى بدمي الجاري!
أنَرْتِ هذا الرَّوضَ يا زَهْرتي ... كما أنارَ الحبُّ أغْواري
ألم يكُنْ قَلبي قُبَيْل الهوى ... يا زَهرتي، كالهيكَلِ العاري
كهفاً يَئِنُّ الحُزْنُ في جَوفِهِ ... أنينَ أرْياحٍ وأوتارِ
مستوحِشاً قفراً سوى عاصف ... للشكَّ، يلهو فيهِ، موّارِ
كهفَ مُنى لم يُبْق منها الأسى ... غير خيالاتِ وآثارِ
حتى إذا ما حلَّ فيهِ الهوى ... من بَعدِ أحزانٍ وأكدارِ
تَفَتَّحَتْ أحلامُهُ بَهْجَةً ... تَفَتُّحَ الزهرِ لآذارِ
إيه أماني القلبِ ماذا تُرى ... يُخفى لَكُنَّ الزمنُ الضاري؟
أخشى عليكُنَّ غداً حالكاً ... يجري بأسرار وأقدارِ