تعد ضواحي سان موريتز قبلة الكتاب والفنانين منذ (نيتشه) فان منظر بحيرات سيلس ماريا في سفح جبال الألب مما يخلب النفوس؛ ولهذا أقام بها الكاتب المشهور أميل لودفيج منذ سنوات. ولقد تعرفت منذ ثلاث سنين بمؤرخ حياة الرجال العظماء حينما كان يعد كتابه الكبير عن ماء النيل. ويسرني أن أسمع منه أثر رحلاته العديدة في مصر والسودان. ولهذا انتهزت فرصة وجودي في ضيافته يوماً لأسأله عن الأسباب التي حملته على وضع كتابه هذا الأخير. وقد وجدت على مكتبه ست تراجم لكتاب النيل (بالإيطالية والمجرية والبرتغالية والفرنسية الخ) وغيرها الآن تحت التحضير، ولكن الذي يهمه أكثر من هذا كله هو الترجمة العربية
قال إميل لودفيج:(إن الشرق يجذبني إليه منذ كنت صبياً. فقد كنت أسمع أبي يتحدث عن مصر فتبتهج هذه الحكايات مخيلتي؛ ذلك أن أبي - وكان يدعى هرمان لودفيج كوهين - كان طبيباً للعيون، ودعاه السلطان عبد الحميد لاستشارته فاستمر في رحلته إلى مصر حيث أكتشف علاجاً للرمد، وتغلغل في بيوت القاهرة العريقة، وتعرف بأميرات عديدات من البيت المالك، وزار السودان، ودرس قبائل البشارية الذين كانوا يدعونه (حكيمباشي)
(وهأنذا قد عبرت وادي النيل من الحبشة إلى الدلتا بعد مضي نصف قرن على رحلة أبي. ولما أصبت بالملاريا في أثناء مقامي بالحبشة عند منبع النيل الأزرق كانت زوجتي هي التي قامت بوصف البحيرات الكبرى، ومن وصفها وضعت الخمسين صفحة المخصصة للنيل الأبيض. وقد حكم نقاد أمريكان عديدون بأن هذه الصفحات هي خير ما في الكتاب)
(المعروف أن مدام لودفيج هي نفسها إفريقية، فقد ولدت في دربان من أب ألماني وأم اسكتلندية وهي ساعد زوجها الأيمن)
وأضاف لودفيج قائلاً:(ولقد وضع جلالة الملك فؤاد تحت تصرفي خلال ثلاثة أسابيع باخرة تدعي (الكاشف) صعدت بها النيل، وهذه الأسابيع الثلاثة مع رحلتي إلى اليونان هي أسعد أيام حياتي
و (النيل) من بين جميع مؤلفاتي هو الذي اقتضى أكثر الجهد والعناء والبحث والعمل