للرسالة تاريخ مجيد. تاريخ نهضة أدبية موفقة، كنت أنت يا صاحب
الرسالة لها مشعلا، وكان أقرانك الآخرون حماة. وكنت أنا - رعاك
الله - أحد المعجبين بها ولا أزال، لأنها حلقة (اتصال). . بين
المدرسة المخضرمة والمدرسة الحديثة.
كنت أقرأ لك المقالات البليغة فيسحرني رفيع معنى ودقة تعبير وسامي بيان. وأعيش الساعات بين صفحات (وحيك) فأنعم بخير أنيس. . وخير أنيس في الزمان كتاب.
والآن. . والشرق يجتاز أحرج الفترات في تاريخ نضاله ضد البربرية والهمجية. والشعوب المستعمرة تنفجر فيها براكين الثورة على غاصبي الحق، وسافكي الدماء، ولصوص البشرية. على البرابرة الذين نعتهم المعداوي (بأنهم مثاليون في الأنانية والجشع، وضيعة الضمير والخلق، وانحطاط الشعور والإنسانية، وانتقاء العدل والإنصاف، وتلك هي العناوين الضخمة التي يسطر تحتها كلماته الخالدة حين يعرض للحكم البريطاني في كل أرض سكنها الأحرار في كل زمان ومكان!)
نعم! في هذه الفترة القائمة. وبين دخان البارود المتكاثف في سماء القناة وميادين الخرطوم لا أسمع لصوتك نبأة ولا أرى لقلمك خطا!
أليس بكاف أن تكون أنت صاحب (الرسالة)! وهل رسالة الأديب سوى قيادة الجماهير إلى حياة حرة كريمة ومجتمع راق سعيد؟
يا صاحب الرسالة هذا صوت ينحدر إليك من أقاصي الجنوب، صوت كله ألم وحرارة، صوت يطلب منك أن تنزل من برجك العاجي إلى الشعب في معركته. . معركة الحرية والشرف والكرامة.
فهل أنت لندائي مجيب؟ وفي الختام أقدم إليك وأنت في الشمال تحية إخوان لك في الجنوب (إخوان لك في الله والدين والوطن). إليك يا صاحب الرسالة تحية كفاح صلب وإيمان عميق.