للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بين فن التاريخ وفن الحرب]

١٣ - خالد بن الوليد في حروب الردة

للفريق طه باشا الهاشمي رئيس أركان الجيش العراقي

(لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها وما في بدني شبر إلا فيه ضربة أو طعنة، وأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير! فلا نامت أعين الجبناء)

خالد بن الوليد

والواقع أن خالداً أيضاً كان راغباً في لصلح دون أن يلجأ إلى القتال. وهذا ما دعاه إلى أن يخفف الشروط. فتعاهده من حنيفة ينص على أن يسلموا الذهب والفضة نصف السبي والسلاح والخيل، وأن يأخذ هو كل قرية ومزرعة وحائط (حديقة مسورة) باسم بيت لمال، وأن يسلموا أنسهم حتى يسلموا. أما البلاذري فيروي أن المعاهدة فرضت على بني حنيفة ربع السبي ونصف الذهب والفضة والسلاح.

ولعل هذه الرواية هي الصحيحة، لأنها تدل على تساهل خالد في قد الصلح. ويذر الطبري أن أبا بكر أرسل كتباً إلى خالد مع سلامة بن وقش يأمره إن أظفره الله بأن يقتل من قام من جرت عليه المواشي من بني حنيفة - يريد بذلك أن يقتل من قاوم من الحنفيين - فوصل الرسول بالكتاب بعد عقد المعاهدة. فأراد الأنصار أن يستغلوا أمر الخليفة، فطلبوا إلى خالد أن ينفذ ما جاء في الكتاب، كان أسد بن حضير رئيس الأوس على رأسهم. إلا أن خالداً لم يلتفت إليم، بل في لبنى حنيفة وثبت على ما كان منه فجمع بني حنيفة إلى البيعة والبراءة.

ويذكر ابن حبيش الأسباب التي ألجأت خالداً إلى عقد الصلح مخالفته كتاب الخليفة، وهي تلخص في كثرة الخسائر التي انتابت المسلمين في المعركة، إذ قل عدد المسلمين وكان أكثرهم جريحاً. وبعد عقد المعاهدة لا يجوز النكول عنها، ولا سيما أن بني حنيفة أسلموا. وتنقل الرواية أن سلامة بن وقش أيضا أصر على خالد بتنفيذ أوامر الخليفة. غير أن خالداً لم يغير رأيه واعتبر القضية منتهية.

ومع ذلك استعمل خالد الشدة في معاملته أهل العارض وبعض قرى بني حنيفة. فقرية سيوح وعرفة والغبراء وقيشان ومرعة والمصانع اعتبرت في خارج أحكام المعاهد، فسبى

<<  <  ج:
ص:  >  >>