قلما يستطيع الإنسان أن يضع نفسه موضع إنسان آخر في أمر يعنيه، ولو كان هذا يسعه في كل حال لكان الأرجح أن يضحكه الذي يمضه ويثقل عليه أو يبكيه. - في هذا كنت أفكر وأنا أسمع قصة صديقي وكان قد دخل على وهو ينفخ ويسمح العرق المتصبب - عرف الخجل لا التعب والنصب، فانه صاحب سيارة فخمة ضخمة لا تتعب الراكب ولا تكلفه جهدا غير النظر إلى الطريق وسكون الأعصاب واتزانها وهو يمرق بها بين المارة الذين لا يحلو لهم السير إلا وسط الشارع كأنما كان الشارع متنزها عاما وكأنما ينبغي على سائق السيارة أن يسير بها فوق الرصيف ليفسح لهم.
وكان يحاول أن يقص عليَّ القصة وهو يمسح وجهه بالمنديل فكان نصف ما يقول يخرج مخنوقا في مطاوي المنديل فقلت له:(هلا انتظرت حتى ينشف هذا العرق).
فغضب وقال: بلهجة المعاتب (وأنت أيضاً. . .؟؟)
فقلت: له وأنا أحاول أن أفئ به إلى الرضى (إنما أردت أن أقول إن المنديل يغيب فيه بعض الكلام فيجيء ما أسمع غير مفهوم. . . على كل حال يحسن أن تبدأ من البداية).
قال:(البداية؟. يا خبر!)
قلت:(عمن تتحدث؟. . يخيل إلى أنك ذكرت اسماً. . .)
قال: نعم. . . عايدة. . .)
قلت:(آه. . . عايدة؟؟ ومن عسى أن تكون هذه المجرمة؟؟)
قال: ألا تعرفها؟. هذا مدهش. . . كيف يمكن.؟)
قلت:(يا أخي لا تغضب. . . إنك تعرف أن ذاكرتي خوانة. . . وليس من النادر أن أنسى أسماء من أعرف من الناس. . . فإذا سمحت بأن تذكرني بها فأنى أعدك أن. . .).
فقال:(أوه. . . إنك تمزح ولا شك. . . لا يمكن أن تجهلها)
قلت: أشكر لك هذه الثقة بسعة معارفي. . . ولكني أؤكد لك أن الاسم لا يحرك في نفسي أي ذكرى. . . لا يثير أي اختلاج. . . وليس هذا لأنها لا تستحق الذكر بل لأن الأسماء تقع من رأسي في غربال واسع الخروق)