أتينا في الرسالة (١٩٥) على خلاصة ما قيل في اليوم الأول من أسبوع الجاحظ الذي قامت به كلية الآداب، وقد كان هذا غاية ما أدركته الرسالة وهي تحت الطبع، ونعود فنقدم إلى قرائنا إجمال ما قيل في الأيام التي تعاقبت بعد ذلك.
اليوم الثاني
كان القول في هذا اليوم للأستاذين: أمين الخولي، وعبد الوهاب حمودة، وكان على الأول أن يقول في منهج التفكير عند الجاحظ وكان على الثاني أن يقول في أسلوب الجاحظ
وقد ابتدأ الأستاذ الخولي كلامه فقال: يقتضينا منهج البحث والتفكير ونحن نتكلم عن منهج الجاحظ في التفكير أن نعرف هل كان الجاحظ يقول بالمعرفة أم كان سوفسطائياً، لأنه كان يقول بالشيء وضده والحق انه كان يقول بالمعرفة وينتهجها، وله في ذلك من الآثار كتاب المعرفة وكتاب الجوابات وغيرها من الكتب التي لم تصلنا إلا أن موضوعاتها تدل على أن الرجل كان من القائلين بالمعرفة. قال الأستاذ: وطريق المعرفة عند الجاحظ للحواس والعقل على اتهام للحواس واطمئنان للعقل ولا شك أن الجاحظ كان له في الدين والأدب والحيوان وكثير من النواحي، وكان له في كل ناحية من هذه منهج تفكير ينتهجه، فهل كان في كل منهج منها على حظ واحد من الإجادة ودرجة متفقة في السير؟ أننا نرى انه كان في كل مناهج تفكيره متكلما أكثر منه أي شيء آخر، فقد كان الرجل من علماء الكلام، وكان يتخذ الكلام صناعة وتلك كانت شنشنة المعتزلة فإنهم أهل جدل وكلام ومناظرة، وقد أخذ الجاحظ منهجهم واحتذاهم، وقد امعن في ذلك حتى طغى منهجه الكلامي على تفكيره الأدبي. فكان يحفل بالجدل ويعنى باختلافات القوم يسردها وينقدها. ثم عرض لمذهب الرجل في الصدق والكذب وقال: انه كان يحتج للشيء وضده تطبيقاً على رأيه في الصدق!!
وتكلم على منهجه الرواية فأورد كلامه في كتاب الحيوان عن اصطناع الكتب ثم قال: