للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في استقلال القضاء]

(إلى حضرة صاحب المعالي المصلح الكبير الأستاذ محمد صبري أبي علم باشا تقديراً لقانونه الفذ، وتحية لشخصه الكريم)

للأستاذ محمود الخفيف

بَشَّرْتَ باسْتِقْلاَلِهِ الأجْياَلاَ ... وَجَعَلْتَهُ حَقَّا وَكانَ خَيالا

أَمَلٌ تَطلَّعَتِ البِلاَدُ لِيَوْمِهِ ... مُنْذُ احْتَوَى دُسْتُوُرُها الآمالا

ظمئت لَهُ مِصْرٌ وَطالَ أُوَامُها ... حتَّى سَقَيْتَ بهِ العِطاشَ زلاَلا

عَجِبوا لِسَعْيِكَ إِذْ بَلَغْتَ بِهِ المدى ... ولَطَالَما ألِفوا الوُعُودَ مِطالاِ

عَدوا لَهُ الأيَّامَ فَهِيَ قَصِيرَةٌ ... لَكِنَّهُمْ وَجَدُوا خطاَكَ طِوالا

وَتَلَفَّتَ التَّارِيخُ يَكْتُبُ صَفْحَةً ... غَرّاَء، جَلَّتْ شَاهِداً وَمِثالا

أُسُّ العَدَالَةِ أَنْتَ بَاني رُكْنِه ... فَابْلُغْ بِهِ هَامَ النُّجُومِ كمالا

العَصْرُ تَظْمَأُ للِعْدَالَةِ رُوحُهُ ... لما رأَى الطُّغْيانَ سَاَء مآلا

هِيَ أَصْلُ كُلِّ حَضَارَةٍ وسكينَةٍ ... وَهِيَ الجمالُ لِمنْ أَرادَ جَمَالا

مَا قِيمَةُ الدُّنيا وَمَا نِعَمُ الحَيَا ... ةِ إذا الطُّغَاةُ اسْتَعْبَدُوا الأعْزالا؟

وَلِمَ التَّفاوُتُ في سُلاَلَةِ آدَمٍ ... أَوَلَمْ يكونوا كُلَّهُمْ صَلْصَالاَ؟

العَدْلُ إن قَامَتْ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ ... لَمْ تَلْقَ ذا خَتْلٍ وَلاَ رِئْبَالاَ

وَإذا تَنَكَّبَتِ العَدَالَةَ أُمَّةٌ ... فَقَدْ ارْتَضَتْ هَذِى الحَيَاةَ وَبَالا

يَحيا عَلَى الطُّغْيَانِ كُلُّ مُسَلَّطٍ ... فِيهَا وَيُنْشِبُ ظُفْرَهُ مُغْتالا

فإذا الرِّجَالُ بِهَا ضَوَارِي غَابَةٍ ... وإذا المَدَائِنُ أصْبَحَتْ أَدْغالا

رُسُلُ العَدَالَةِ في البِلاَدِ قُضَاتُها ... أَعْلَى الرِّجَالِ مَهَابَةً وَجَلاَلاَ

بَذلوا لِمِصْرَ جُهُودَهُمْ مَوْصولَةً ... وَتَحَمَّلوا في حُبها الأَثقَالا

تاَللهِ مَا وَهَنُوا ولا بَرِموا وَلاَ ... مَنُّوا ولا كانوا بِهَا بُخَّالا

لَمْ يَأْمَنْوا وَهُمْ القضَاةُ مُنَاجِرَا ... غِرَّا، يُدِلُّ بِبَأْسِهِ إدْلاَلا

أوْ يَأْمَنوا في الحقِّ صَوْلَةَ غاشِمٍ ... لمْ يَرْضَ إلاَّ مَا يَقُولُ جِدَالا

صَبَرُوا عَلَى الأعْنَاتِ صَبْرَ أَعِزَّةٍ ... وَلَوْ انَّهُمْ رُزِئوا بِهِ أَشْكالا

<<  <  ج:
ص:  >  >>