وددت كثيراً لو أن ما رأيته في المؤتمر الذي عقد بلندرة في فبراير سنة ١٩٢١ كان كافياً ليكتشف الغطاء عن أنظار أولئك السياسيين الذين أبوا أن يصغوا لأي نصيحة فيتبينوا الحقائق.
حضر إلى هذا المؤتمر وفدان تركيان. .
الأول يمثل تركيا الرسمية حكومة السلطان المعترف بها وعلى رأسه توفيق باشا، وهو رجل طاعن في السن محترم من الجميع تولى الصدارة العظمى عدة مرات.
والثاني وفد حكومة أنقرة يرأسه وزير خارجيتها بكير سامي بك. وقد رفضت الحكومة البريطانية استقباله حتى لا يؤخذ هذا منها بأنه اعتراف رسمي بحكومة الكماليين.
ولكن كم كانت دهشة المفوضين الأوربيين الذين كانوا يؤملون رؤية أعضاء الوافدين تفرق بينهم الكراهية والبغضاء أن يجدوهم في تآلف تام جالسين على نفس المقاعد.
وكم كان تعجبهم لدى رؤية ذلك الشيخ الوقور توفيق باشا يقف بما حوله من حق الرياسة على المندوبين الترك ليعطي الكلمة لبكير سامي بك رئيس وفد أنقرة الذي تكلم بالنيابة عن الوفدين.
وقد أدرك بكير سامي بك قيمة النصائح التي أسداها إليه المسيو بريان رئيس الوفد الفرنسي والتي أبديتها من جهتي بالتمسك يخطه معتدلة وقد ما يمكن أن تكسبه قضية بلاده إذا أظهر أنه أكثر رغبة من المفوضين اليونان رأى هيئة تحكيم منصفة.
وبناء عن هذه الخطة تم القبول التحكيم ومشروع إجراء التحقيق الدولي في آسيا.
وكان هذا القرار على جانب من الأهمية السياسية لما قد يأتي به من النتائج الحاسمة ولأن في قبول دول إنجلترة وفرنسا وإيطاليا إجراء تحقيق في الأناضول اعترافاً ضمناً من واضعي معاهدة سيفر، أنهم لم يحسنوا استقاء المعلومات الحقيقية فبنوا عملهم في سياستهم