للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شاعر الإسلام]

محمد عاكف

بقلم الدكتور عبد الوهاب عزام

- ٢ -

كتب الأديب الكاتب عمر رضا صهر الأستاذ محمد عاكف مقالاً في جريدة جمهوريت التركية بعنوان (أيام عاكف الأخيرة) فأردت أن يطلع عليه قراء الرسالة في هذه الترجمة:

منذ ستة اشهر أرست في استنبول باخرة قادمة من مصر، توسمت النازلين منها فإذا على السلم شبح لم أثبته للنظرة الأولى، فلما أنعمت النظر عرفت الفاجعة؛ وتأوه رفيقي مدحت جمال آهة أعربت عن وقع الفاجعة في نفسه.

لقد انحطم الأستاذ عاكف! ولكنه كان على ذلك، لا يزال متفائلاً يحسب أن هواء الوطن يحييه. ذلك كان ضنه، وذلك ما أمله إلى آخر رمق من حياته. أخبرته يوماً أن أحد أقاربه يود مقابلته. فقال: (لا يشق على نفسه؛ سأزوره أنا حين أستعيد بعض عافيتي)

ولقد حيرني حقاً هذا الرجاء، وهذه القوة الروحية التي رسخت فيه بعد أن آذنه الأطباء بخطر المرض، وضعف الأمل، ورأى هو صحته تضمحل يوماً بعد يوم. كان تفاؤله يملأ نفسي عجباً، فكنت أقول لنفسي: أتراه يريد أن يشعرنا الطمأنينة وينفي عنا الفزع؟ ثم أرجع فأقول: كلا إن هذا الأمل القوي لا ينبع من تعلق البشر بالحياة وإفراطهم في حبها، بل وراءه منبع ابعد غوراً، وأغزر فيضاً، وأسمى مكاناً

كان الزائرون يتتابعون إلى حجرته في المستشفى، وكان في هذه الزيارات إرهاق له. وكان الأطباء يكرهونها ولكنه هو كان يحرص على لقاء أصدقاءه ورؤية أحباءه، وكان يسكن إلى محادثة كل واحد منهم منفرداً ولا يجد في هذا حرجاً ولا نصبا.

ولم يكن بد من تغيير هذه الحال، فدعي الأستاذ لينزل ضيفاً في دار لأحد أصدقاءه القدماء. وكانت الدار في (علم طاغي). وحسب أصدقاء الأستاذ أنه سيجد في هواء هذه الجهة وماؤها بعض شفاءه إلى ما تجدي عليه العناية بنظام الغذاء وتناول الأدوية التي كانت تجلب له من أوربا

<<  <  ج:
ص:  >  >>