للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من برجنا العاجي]

(هتلر) ذلك الرجل الذي يعيش وحيداً قوياً لا يعرف المرأة ولا يذوق اللحم ولا الخمر ولا يفكر إلا في السيطرة على العالم وقيادة البشر، ذلك الرجل الذي لو خرجت من بين شفتيه كلمة رقيقة على مائدة السياسة الخضراء لتغير وجه التاريخ. قد شاء القدر أن يجلس أخيراً إلى مائدة غذاء في مونيخ، منفرداً مع كوكب لامع من كواكب الغناء، وقد خرجت من بين شفتيه هذه الكلمات:

- إن صوتك لصافٍ صفاء البلور النقي!

فقالت المغنية الجميلة في ابتسامة ساحرة:

- شكراً

فقال المستشار:

- أنا الذي ينبغي له أن يشكرك

فقالت الغانية في شيء من العجب:

- على ماذا؟

- على مجرد وجودك في الدنيا لا أكثر ولا أقل!

قرأت خبر ما تقدم في إحدى المجلات الأوربية. وقد ختمت المجلة الخبر بقولها: (وقد سافرت المغنية بعد ذلك إلى باريس، فأراد هتلر أن يضع طائرة تحت تصرفها. أتراه قد وقع في الغرام؟ أي خلاصة البشرية إذا قنع هتلر منذ الآن بمكان رحب بالقرب من المرأة!)

واحب أن أعلق أنا على هذا الخبر بقولي: أترى المرأة تنتقم دائماً من ذلك العظيم الذي قضى حياته في البعد عنها وكرس جهوده لغير التفكير فيها؟ أو ترى الرجل العظيم الذي طرح المرأة من حسابه وأخرجها من حياته يعيش إلى آخر أيامه قانعاً ناعماً أم أنه يشعر فجأة في لحظة من اللحظات أن امتلاك العالم بأسره لا يعدل أحياناً امتلاك قلب امرأة؟!.

توفيق الحكيم

<<  <  ج:
ص:  >  >>