للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البَريدُ الأدبيّ

مات الأمير شكيب ارسلان:

مات الأمير شكيب ارسلان! بهذا هتف الناعي عشية يوم الاثنين الماضي، فوجمت النفوس للنبأ الأليم، وجزع أبناء العروبة لفقد ذلك الرجل العظيم، واستفاضت الحسرات أسىً ولوعة على علم من أعلام البيان العربي، ورسول من رسل الإصلاح الإسلامي، وقف حياته الطويلة الحافلة على الجهاد للحق، والدفاع عن الحرية، حتى غلبه الموت، وهو الذي طالما غلب الأهوال وارتفع على الشدائد والأحداث.

لقد كان الأمير شكيب - رضوان الله عليه - بالفكرة التي يمثلها،

والغاية التي عاش لها، علماً من أعلام تلك المدرسة المنجبة المنتجة

التي وضع أساسها باعث الشرق السيد جمال الدين الأفغاني، وتولى

رعايتها المصلح العظيم الأستاذ الإمام محمد عبده؛ فكان يرى الإسلام

عقيدة جامعة، والعروبة رابطة شاملة، والاحتفاظ بتراث السلف دعامة

لنهوض الخلف، فكان هذا هو جماع الفكرة فيما يكتب وينصح به

ويجاهد له.

كان الأمير شكيب في كل ما يكتب يرعى حق الدين وحق الإصلاح الشامل، وكان يفزع لكل مسألة إسلامية، ويزأر لكل نازلة شرقية، ويجاهد لكل قضية عربية، ويوجه خطابه دائماً إلى أحرار المسلمين، ويهيب بجميع أبناء العروبة. ولقد كان له من طيب الأرومة، ونباهة المحتد، واتساع الثقافة والصلة بالناس ما ارتفع بمكانته، وأسمع بكلمته.

وكان الأمير شكيب في مطلع هذا القرن ينهض بفكرته تحت لواء الخلافة العثمانية، وكان يعمل على توثيق الصلة بين الترك والعرب دائماً، وكان يرجو أن تتمازج الوحدة العربية وما يسمونه بالوحدة الطورانية لتكونا وحدة إسلامية جامعة للصفوف، ومانعة من تلصص الاستعمار الغربي. فلما تقلص ظل الخلافة عن الآستانة، ونزل الهلال عن قصور آل عثمان، وقف الأمير شكيب يدعو العرب للوحدة في وجه الاستعمار والتكاتف ضد الدخيل

<<  <  ج:
ص:  >  >>