للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[آذار أغنية الربيع]

(مهداة إلى سر شوقي)

لشاعر الشباب السوري أنور العطار

هَلمَّي انظري قٌبلاَتِ الربيع ... على مِعطفِ السَّهل والرَّابيَهْ

سَرَتْ في السموات أنفاسهُ ... فعطَّرَت الحقلَ والسَّاقيَهْ

وآذارُ يلعبُ فوقَ المروج ... كما تلعب الطِّفلةُ اللاهِيَةْ

يُعانقُها وهو جمُّ الحنين ... فتُغريه بالمقلة الرَّانِيهْ

ويلقي عليها وِشاحَ الخلود ... وألوانَهُ العذبةَ السَّابيهْ

ويَبعثُ فيها شُعاعَ الهوى ... فتهتزُ من وَهْجِهِ صابِيَهْ

تألَّقَتِ الأرضُ من وَشيْهِ ... فلم تَبْقَ زاويةٌ خاليَهْ

وقد زيَّنَ الغابُ أفياءه ... باحلى مَطارفِهِ الكاسيَهْ

خمائله من نسيج النعيم ... تأرَّجُ بالنَّفحدةِ الذاكيهْ

جِواءٌ من الطَّيْرِ طفَّاحَةٌ ... تُنغِّمُ رائحةً الذاكيهْ

كأنًّ النَّسيمَ أخو سَكْرةٍ ... تَعَايَا من الخمرةِ العانِيَهْ

تَعاشِيبُ ناهلةٌ بالطُّيُوبِ ... مَفضَّضةُ الثَّوْبِ والحاشيَهْ

كأنَّ على الأرضِ عُرْساً يُقامُ ... فتمشي إليه الدُنَا حابِيَهْ

تعالَتْ إلى الله أفراحُه ... تَمَايَدُ حافلةً حانَيهْ

وهبَّتْ مواكبُهُ الضاحكاتُ ... تجدَّدُ أعيادَها الباهيهْ

رياحينُها قد ملأنَ الفضاء ... ولم تخْلُ من عِطْرِها ناحيهْ

ففي الجِّو ذابت أغاني الطيور ... بهَيْنَمةِ النَّسمْةِ السَّاليهْ

وفي الحقل ثار ضجيجُ القطيع ... حنيناً لِزَمّارَة الرَّاعيهْ

تذوب من الحب أنغامُها ... فتخفت من ناره الصَّاليهْ

بَرَاها الهوى وطوت سَّره ... فبان من النغمة الفاشيهْ

فيالك عُرسا بهيَّ الإطار ... جديد الرُّؤَى والمنى الهانيهْ

هلَّمي افتحي كوة للربيع ... لنشرب فرحتهُ ثانيهْ

<<  <  ج:
ص:  >  >>