٢٤ - يفسر كتاب إيطاليا أن ظروف التعبئة العامة في إيطاليا أملت سياسة إخلاء المستعمرة من حامياتها في الداخل والاكتفاء باحتلال الساحل ويعدون هذا الانسحاب بمثابة نكبة كبرى على الدولة الاستعمارية، فقد كان هروباً سريع أمام الخطى قوات السنوسيين الذين توغلوا في كل جهة.
كانت برقة مهد السنوسية ولما اشتد ساعدها امتدت حركتها إلى نواحي المستعمرة الأخرى فكان الجزء الجنوبي الممتدشمالي فزان من نصيب السيد محمد العابد ابن الشريف محمد ابن علي السنوني الحسني الأدريسي الخطابي الذي بدأ الدعوة إلى الجهاد في تلك الجهات. وقد وجد السيد العابد أنصاراً له عديدين نفذوا أوامره وقاموا بنشر دعوته خير قيام منهم محمد مهدي السني ابن محمد ابن عبد الله السناري وهو من مواليد السودان.
٢٥ - وقد انتشرت دعوته حتى وصلت إلى قبائل الطوارق وانضم إليها كثير من زعماء الجنوب الذين بدءوا يهاجمون المواقع الحصينة التي كان يحتلها الفرنسيون والإيطاليون على السواء وكان أن تألفت حكومة بدوية تحت زعامة دينية حكمت هاتيك البقاع وبقيت تحتل فزان وأجزاء من الأراضي الفرنسية طول مدة الحرب الماضية حتى تقلص ظلها بسرعة غريبة حينما أرسل نوري باشا القائد التركي ثلاثة من الضباط المغامرين الذين نجحوا في استخلاص فزان والجهات المجاورة واستعملوا أساليب السياسة والدهاء في المفاجأة في تنفيذ أغراضهم.
٢٦ - وكانت أول غارة للثوار ضد حصن سبها الإيطالي في ليلة ٢٧ نوفمبر ١٩١٤ إذ حصل الهجوم على الحامية ليلاً حينما علا المجاهدون أسوار القلعة وسلطوا نيرانهم وأعملوا السلاح فاضطرت القوة للتسليم إلا من تمكن من الهرب تحت الظلام منسحباً إلى سخناً في الشمال. جاء في وصف هذه المعركة أن رصاص المهاجمين كان ينهمل على