تأتينا مياه النيل سنة بعد أخرى بطريقة منتظمة متكررة، إلا أن مقدار ما يصلنا منها يختلف في الأوقات المختلفة من السنة نفسها كما يختلف من سنة لأخرى، ولسنا هنا بصدد البحث في أسباب هذه الاختلافات الموسمية أو السنوية أو معرفة النتائج التي ترتب عليها لأن هذه معناه دراسة نظم الري بالقطر المصري.
ولكننا بصدد أن نلفت النظر إلى ناحية واحدة من هذا الموضوع وهي المماطلة في تنفيذ المشروع الذي يدفع خطر الفيضانات العالية. إن الخسارة التي نتكبدها من جراء هذه الفيضانات العالية الخطرة ليست بالقدر اليسير الذي يمكن إهماله أو غض النظر عنه لأنها ليست قاصرة على ما يصيب هؤلاء الذين يطغى عليهم الفيضان فيكتسح زراعاتهم ويحرمهم أرزاقهم ويعدمهم أقواتهم، بل إن الحكومة تخسر ما تحصله من أموال هذه الجهات المنكوبة كما تتحمل مصروفات أخرى كبيرة فيما تتخذه من إجراءات لدره خطر هذه الفيضانات وهذا بجانب ما يستحوذ على الأمة من قلق واضطراب أن مشروع اتقاء الفيضانات العالية تدرسه الجهات المختصة؛ وقد حصل الدارسون على معلومات وأبحاث كثيرة بدئ بدرسها، ولكننا نتساءل ألم تكن هذه المدة كافيه للوصول إلى نتيجة يصح أن تكون أساساً لقرار ينفذ؟
إن هذه الفيضانات العالية الخطرة ليست خاصة بنيلنا وحده. لأن هناك كثيرا من الأنهر في البلدان الراقية تفيض على الأودية التي تجري فيها وقد كانت فيما مضى سببا في نكبات ساحقة وكوارث ماحقة، ولكنها عولجت على النحو الذي منع حدوثها أو حد من شدتها، وليس من الميسور أن نذكر هذه الطرق الفنية المختلفة التي تكيفت تبعاً لظروف كل حالة منها على حدة، ولكننا نعلم أن وجهة النظر الفنية في مصر تتجه إلى تصريف مياه الفيضان في موقع منخفض قريب من مجرى النهر يتسع لاستيعاب هذه المقادير الكبيرة من مياه الفيضان؛ على أن تحفر قناة لتصل النهر بهذا المنخفض، فكيف لا يقرر إلى الآن أين يكون هذا المنخفض وصيانة القناة وغير ذلك وما هي النفقات التي يطلبها تنفيذ المشروع؟
إننا لا نجد سببا يبرر هذا التأخير غير ما سمعناه من أن ملفات هذا الموضوع تظهر وقت