للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الثعبان والانسان]

للدكتور حسين فرج زين الدين

دكتوراه في التاريخ الطبيعي من فينا

من رسالة قيمة وضعها في (الحيات المصرية) سننشر بعض فصولها تباعاً

لعل من يزور حدائق الحيوانات بالجيزة لا يستوقف نظره شيء اكثر مما تستوقفه تلك الحيات السجينة في بيوتها الزجاجية، فهي على الرغم من جمال منظرها وما هو معروف من نعومة ملمسها تبعث في النفس شيئاً من الاشمئزاز والكراهية، وعلى الرغم من سجنها والامان من شرها يهتز القلب فزعاً منها، ولعل السر في ذلك تلك الاعتقادات السائدة التي تناقلها الناس جيلاً بعد جيل عن فتكها وخيانتها حتى جاء ذكرها في كثير من تشبيهات الكتاب وخيال الشعراء. كما ورد ذكرها في الكتب السماوية

وقد يكون ذلك راجعاً الى شكلها الطبيعي ووقوفها شاخصة لا تغمض ولا تطرف وحركات السنتها الدائمة السريعة، واعتقاد الناس خطأ أنها أعضاء اللدغ منها فترى أثر الخوف منها شديداً في نفوس الكبار الذين عرفوا شيئاً عنها، ولكن الاطفال الصغار لا يدركون قليلاً ولا كثيراً من امرها، وكذلك صغار القردة قد ترى الافاعي زاحفة فلا تخشى ان تقترب منها وتلمسها وتعلب بها، وقد ايد هذه المشاهدة البحاثة ميتشل في تجارب عدة قام بها، وقد أثبت كل من العالمين & بعد بحثهما في أفاعي الهند والصين انها على ضخامتها تفزغ من الناس، وتفر منهم ولا تحاول ايذاءهم الا محرجة مضطرة للدفاع عن نفسها، غير ان ذلك لم يقلل من اعتقاد الناس بخطرها، وليس هذا عجيباً منهم فانها كانت دائماً موضع اهتمام عظيييم. كثر ذكرها في الكتب السماوية وفي الديانات على اختلافها، وفي الكتب الادبية والعلمية، فهناك حية آدم عليه السلام، وعصا موصى وثعبان كليوبطرة، وترى اسكليبوس إله الطب عند اليونان يحمل عصاً ملتفة عليها أفعى، وابنته هيجياً إلهة الصحة ترى دائماً معها أفعى تقدم اليها الماء، وقد صنع عقداً لألهة مينرفا من صور الأفاعي، وإن رأس ميدوزا إلهة الانتقام معصوب بها؛ وكان قدماء المصريين يعبدون الناشر المصري المعروف، وكان من الخرافات السائدة في الشعب في ذلك العهد، ان هذه الأفاعي الخطرة تختلط بالناس في بيوتهم وتعيش بينهم على العسل والنبيذ لا تمسهم بسوء. . ويروي أنها

<<  <  ج:
ص:  >  >>