[في الروض المحزون]
بقلم امجد الطرابلسي
يا روضُ ما لشبَابكَ النَّضِرِ ... جارتْ عليهِ فواجِعُ القَدَر؟
أَفأَنتَ مِثلي تَشتكي - حَدَثاً - ... عِبَْء السَّنين وعادِيَ الكِبَرِ؟
ماذا جَنَيْتَ وكنتَ مُزْدَهِراً ... حتى رُمِيتَ بأَفدحِ الغِيَرِ؟
أَيْنَ القيانُ الصّادحاتُ على ... عُرُشٍ مُكَرَّمَةٍ منَ الزَّهَرِ؟
يَبكينَ إن نَزَلَ الدجى - فرقاً ... منهُ - وأَسْبَلَ حالِكَ السُّتُرِ
ويكدْنَ يملأْنَ الفضا فَرَحاً ... إن أَزْمعَ التَّرْحَالَ في السَّحَرِ
بل أينَ، كالأَمْسِ الهنِيِّ، مَهاً ... يَمْرحْنَ في الآصالِ والبُكَرِ؟
أَو لمْ تكن بالأمْس تمْطِرُني ... إمّا أتيتكَ أَطيبَ الثَّمَرِ؟
واليومَ كلُّ نَداكَ من وَرَقٍ ... ذاوٍ مَعَ الأَرياحِ مُنْتَثَرِ!!
يا روضُ لاَ يَأْخُذْكَ بي عَجَبٌ ... إن جِئْتُ تَحْتَ الرِّيح والمَطَرِ
أشكو إليكَ هواجِساً حُلُكاً ... كالليلٍ قَد غَشَّت على بصري
الآنَ طابَ لِيَ المُقامُ هُنا ... يا روضُ تحت ثوا كِلِ الشَّجَرِ
يُلْقينَ بالأوراقِ ذابلةً ... مِثلَ المُنى في هَبَّةِ القَدَرِ
ما حاجَتي بالرَّوْضِ مُزْدَهِراً ... إنْ كانَ قَلْبيَ غَيْرَ مُزْدَهِرِ!؟
في خافِقي يا رَوضُ عاصِفَةٌ ... غَضْبى تَهيجُ كوامن الفِكَرِ
نارٌ تَوَقَّدُ فيَّ لاهِبَةً ... تَرْمى حَنايا الصَّدْرِ بالشَّرَرِ
وخَواطِرٌ سُودٌ تَدَفَّقُ في ... عَقْلي الشَّتيتِ تَدَفُّقَ النهرِ
حتى كأَني جَذْوَةٌ شَرَدَت ... مِنْ قبلِ يومِ الحَشْرِ عن سَقَرِ
فَلَعلَّ إحدى السُّحْبِ تُطْفِئُهاَ ... يوماً بغيث جِدِّ مُنْهَمِرِ
أمّا تجِدْني هازِلاً أَبَداً ... أَجْزى حُقُودَ الدَّهْرِ بالسَّخَرِ
وأَسيرُ في دُنيايَ مُتَّئِداً ... بينا المنونُ تجِدٌّ في أَثري
لا الدَّهْرُ تُنْسيني غوائِلُهُ ... يَوْماً مَغاني الأُنْسِ وَالسَّحَرِ
فَلَرُبَّماَ ابْتَسَمَ الفتى وَبهِ ... أَلَمٌ يُفَتِّتُ أَصْلدَ الصَّخَرِ