للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نماذج من عناية المستشرقين بالمخطوطات العربية]

للأستاذ عبد العزيز مزروع الأزهري

مما سبقنا إليه عناية المستشرقين منهم ببعث الكنوز الشرقية في عالم المؤلفات المخطوطة وبخاصة ما كان منهم نفيساً نادراً. وساعد على هذا أنهم تخصصوا في كل فرع من فروع الثقافة الشرقية: عربية وهندية و. . . ن وأن مراجع كل فن تحت أيديهم بالمئات، وأن لكل مرجع منها فهارس منظمة لكل ما اشتمل عليه، ففهرس للشعراء وآخر للأعلام، وثالث للأمم والقبائل، ورابع للبقاع، وخامس للقوافي، وسادس لرجال السند مثلاً وهكذا. فكل ما يحتاج إليه الباحث جملة وتفصيلاً في أي علم أو فن يستطيع العثور عليه بنظرة خاطفة بفضل هذا التنظيم المثمر الذي ثبتت دعائمه على تضافر علمائهم، وهيئاتهم الثقافية، وسخاء أغنيائهم، وتقديرهم لكل ما يوضح جانباً من جوانب الثقافة الشرقية التي هي إحدى الجوانب المشرقة للثقافة الإنسانية. وقد كان همنا فيما مضى أن نستفيد من آثار هؤلاء المستشرقين بشراء ما طبعوه من مباحث، أو نشروه من دفائن في مدائنهم الكبرى، ومكاتبهم العامر، أو بعض حواضرنا الشرقية إذا أشرفوا إلى الطبع. أما الآن فقد رأينا جديداً في مصر في هذا الميدان، إذ قد تضافر (المستشرق. ليفي بروفتسال) أستاذ اللغة والحاضرة العربية بالسربون، ومدير معهد الدراسات الإسلامية بجامعة باريس مع (دار المعارف بمصر) فكان من نتائج هذا التضافر نشر كتاب ثمين من أمهات الكتب المخطوطة في الأنساب وهو (جمهرة العرب لابن حزم) الأندلسي المتوفي في منتصف القرن الخامس الهجري، فأراحوا الباحثين من عناء المباحث المرهقة في صحاري المخطوطات القديمة التي هي أشبه بألغاز الخطوط الهيروغليفية أو المسمارية أو الحميرية، ومهدوا بفهارسه سيل البحث لرواد الثقافة. فهل عثر المتصفح لهذا الكتاب الضخم على بعض هنات يرفع عقيرته من قيمة ما صنعوا ويبالغ في النقد والتجريح وينسى الجوانب المشرقة لهذا المجهود الجبار!! إن الإنصاف يدعو إلى تقدير ذلك العمل، وإنصاف من أشرفوا على طبعه، لأنهم لم يألوا جهداً، ولأنهم اختاروا فأحسنوا الاختيار، واجتهدوا وللمجتهد حقه واجتهاده. فإذا ما زل القلم فلا تثريب عليهم، لأن صفحات الكتاب تربى على ٥٢٤ صفحة، وكثير من أعلامه وقبائله غريب صعب فوق أنها تبلغ عشرات الألوف، وبخط مغربي لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>